وصل إلى سبخة تونس، فخرج إليهم منصور الطنبذيُّ تعبئة عباها لنفسه، فاقتتلوا مليا. ثم حمل منصور حملة كانت فيها هزيمة غلبون وأصحابه لعشر بقين مكن ربيع الأول، وسار منهزما إلي زيادة الله، فاعتذر غلبون عن الهزيمة وحاف أنهم نصحوا واجتهدوا ولكن قضاء الله لا يرد. وتواثب القواد على أعمال أفريقية، كل قائد على بلدة يضبطها، ويمتنع فيها من عقوبة زيادة الله التي توعدهم بها. واضطرمت أفريقيا نارا، ورمى الجند كلهم إلى منصور الطنبذي أزمة أمورهم وولوه على أنفسهم. وقدم غلبون على زيادة اله، فأعلمه بما كان من أمره ونَغَل الجند فكتب إليهم زيادة اله صكوك أمان، وبعث ربها إليهم، فلم يثقوا بها منه، وخلعوا الطاعة.
ولما ظفر منصور، واجتمع إليه بتونس جميع الجند والحشود والوفود من كل جهة ومكان، فزحف بهم من تونس، فوصل إلى القيروان لخمس خلون من جمادى الأولى. فركب إليه القاضيان أبو محرز وأسد، فكان بينهما وبينه كلام لم يفد. وخندق منصور الطنبذي على نفسه فكانت بينه وبين زيادة الله وقائع كثيرة. ثم رحل منصور من خندقه، ونزل منزلا آخر، وأخذ منصور في إصلاح سور القيروان فوالاه أهل القيروان وحاربوا معه. فدامت الحرب بين منصور وبين عسكر زيادة اله أربعين يوما. ثم زحف زيادة اله على تعبئة عباها لنفسه قلبا وميمنة. فلما رأى ذلك منصور هاله وراعه. والتقت الفئتان، فاقتتلوا قتالا شديدا فانهزم منصور وولى هاربا وقتل أصحابه قتلا ذريعا، في منتصف جمادى الآخرة، وانتهى زيادة الله إلى القيروان فأمر برفع القتال وتمادى منصور في هزيمته إلى أن دخل قصره بتونس، والناس لا يشعرون. وعفا زيادة اله عن أهل القيروان، وصفح عن جميعهم غير إنه جعل عقوبتهم هدم سور القيروان حتى ألصقه بالأرض.
وفي سنة ٢١٠ كانت وقيعة سبيبة، وهي مدينة. وذلك أن الجند الذين تقدم ذكر سيرتهم وتنمعهم لأجل الهزيمة التي طرأت عليهم كان قائدهم عمر بن