للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدخلوا بسلاحهم. فكانت بينهما معاتبة. ثم حلفا أن لا يغدر أحدهما بصاحبه واصطلحا. واعتدلت الأمور لأحمد بن الأغلب إلا أن أسم الإمارة فقط وقبض أحمد على من شاء، واستصفى من أراد وعذب من أحب وأعطى الرجال وجنى الأموال، واستوزر نصر بن حمزة.

وفي سنة ٢٣٢، ظفر محمد بن الأغلب بأخيه أحمد، وحبسه، ورجع له سلطانه. وقام معه في ذلك جماعة من بني عمه ومواليه. وسقى البوابين واحتال عليهم حتى دخل المدينة، وحارب أخاه طول الليل وأطلق من كان في حبس أخيه، فاستمد بهم ووصل أهل القيروان حتى أنفذ جميع ما في خزائنه من الأموال والكسي ثم نفى محمد بن الأغلب أخاه إلى المشرق فمات بالعراق.

وفيها عزل عبد الله بن أبي الجواد عن القضاء، فقال سحنون لمحمد بن الأغلب: (أيها الأمير، أحسن الله جزائك! فقد عزلت فرعون هذه الأمة وجبارها وظالمها) وابن أبي الجواد حاضر ولحيته تضطرب على صدره وكان تام اللحية.

وفي سنة ٢٣٣ ولي سحنون بن سعيد بن حبيب التنوخي الفقيه (واسمه عبد السلام، إنما سمي بسحنون لحدة ذهنه) القصاء بأفريقية بعد أن رجع محمد بن الأغلب في ذلك عاما كاملا، وهو يأبى عليه، حتى حلف له بأيمان المؤكد وأعطاه العهود المغلظة إنه يطلق يديه على أهل بيته وقرابته وخدمه وحاشيته، وينفذ عليهم الحق، أحب أو كرهوا.

وفيها كانت ثورة سالم بن غلبون وقتله، وذلك إنه كان واليا على الزاب فعزاه محمد بن الأغلب. فأقبل سالم يريد القيروان. ثم عدل في بعض طريقه إلى الأربس مظهرا للخلاف، فمنعه أهلها من دخولها فسار إلى باجة فدخلها وضبطها فأخرج إليه ابن الأغلب خفاجة بن سفيان في جيش كثيف فنزل عليه وحاربه أياما، فهرب سالم بن غلبون في الليل، فاتبعه خفاجة

<<  <  ج: ص:  >  >>