للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحل دور العقيدة والايمان مع إطلالة الإسلام، وبدأت الحرب على الأوهام والخرافات وكان الدين منطلقا لكل توجه وقد ملك على الناس عقولهم، وأصبحوا يصدرون عنه، فكان أساس الحركة العلمية، وأصبح أساس التأريخ فيه سيرة النبي وغزواته، والفتوحات الإسلامية. وتوجه الاهتمام إلى القرآن والحديث والفقه ومسائله، ثم بدأت تتكاثر العلوم في العهد العباسي، وبدأت حركة الترجمة والتعريب، فترجمت الفلسفة اليونانية والرياضة الهندية وتواريخ الفرس واليونان والرومان، وفتح ذلك ميدانا رحبا للصراع الفكري حول الأديان، وكان أهل الأديان الأخرى يدعون إلى أديانهم بالعقل والمنطق، فأصبح طبيعيا أن يفعل المسلمون ذلك، فتأثر تفسير القرآن والحديث بالأمور الفلسفية وهي الظاهرة المستجدة في العصر العباسي بعد أن كانت في العصر الجاهلي مجرد نظرات في الطبيعة والإنسان، تفتقر إلى الترابط، وخبرات بدائية في الطب والكهانة يرويها الخلف عن السلف، ورواية للشعر لا تعتمد الدرس والتحليل. وكان العلم الديني في مبدأ الأمر غير خاضع للتبويب فليس هناك علم مستقل اسمه التفسير ولا الفقه، بل كان الدارس في الفقه يخوض في الحديث والتشريع والتفسير والشعر، هذا في القرن الأول الهجري، وما أن استهل القرن الثاني حتى بدأ الاتجاه العلمي يستقر إلى تمييز العلوم، وبدأ تدوين الفقه والحديث والتفسير، فصنف ابن جريج (١)، ومالك (٢)، والأوزاعي (٣)، وابن أبي عروبة (٤)، وغيرهم. ودونت كتب العربية واللغة والتأريخ وأيام الناس، وتمحورت الدراسات في هذا العصر حول نوعين: دراسة دينية ودراسة دنيوية ولكل منهجه. وذلك ما عبر عنه ابن خلدون في مقدمته «إن العلوم صنفان: صنف طبيعي


(١) عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، فقيه الحرم المكي، كان إمام أهل الحجاز في عصره، أول من صنف التصانيف في العلم بمكة، رومي الأصل من موالي قريش، مكي المولد والوفاة (٨٠ - ١٥٠ هـ /٦٩٩ - ٧٦٧ م) وثقه العجلي وغيره، وقال الذهبي: كان ثبتا لكنه يدلس، ترجم له، الخطيب البغدادي، تأريخ بغداد،١٠/ ٤٠٠. وابن خلكان، وفيات الأعيان،٣/ ١٦٣. ابن حجر، تهذيب التهذيب،٦/ ٣٥٧.
(٢) الإمام مالك بن أنس بن مالك الأصبحي، إمام دار الهجرة واحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة، مولده ووفاته في المدينة (٩٣ - ١٧٩ هـ /٧١٢ - ٧٩٥ م) كان صلبا في دينه لا يمالئ السلاطين ولا يتقرب اليهم، من أهم تصانيفه «الموطأ-ط» ترجم له، أبو نعيم، حلية الأولياء،٦/ ٣١٦. ابن حجر، تهذيب التهذيب،٥./١٠ سركيس، معجم المطبوعات العربية والمعربة،٢/ ١٦٠٩. الزركلي، الاعلام،٥/ ٢٥٧.
(٣) عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي أبو عمرو امام الديار الشامية في الفقه. ولد في بعلبك ونشأ في البقاع ثم سكن بيروت وبها توفى، كان مهابا من السلاطين جريئا في الحق غزير العلم صاحب مذهب، له «السنن» في الفقه و «المسائل» ولادته ووفاته (٨٨ - ١٥٧ هـ /٧٧٤ م) ترجم له، أبو نعيم، م. س،٦/ ١٣٥. النووي، تهذيب الأسماء واللغات،١/ ٢٩٨. الزركلي، م. س،٣/ ٣٢٠.
(٤) سعيد بن أبي عروبة مهران العدوي بالولاء، البصري، أحد حفاظ الحديث الثقات له تصانيف. وفاته (١٥٦ هـ /٧٧٣ م) ترجم له، ابن حجر، تهذيب التهذيب،٤/ ٥٦. الذهبي، ميزان الاعتدال،٢/ ١٥١؛ الزركلي، م. س،٣/ ٩٨. روى له الستّه.

<<  <   >  >>