بكيت ولم أبك امرءا قبله ولن*يرى لي بعد اليوم في فاجع دمع ولله قلب لم يرع قبل خطبه*بدهر ولم يصدّعه في حادث صدع رعى الله من فارقت بالأمس مرغما*وربّ فراق قاهر ماله دفع ومنها سأبكيه لا أبقي من الدّمع قطرة*وإن دمي حسبي إذا نفد الدّمع وحسبي ودّ واصل بين روحه*وروحي فذاك الوصل ليس له قطع أجل أنا في دهر عجيب به الوفا*ولكنني فيه بحبّ الوفا بدع ومنها ويا راحلا لم يبق لي بعده أخ*ولا طلل آوي إليه ولا ربع تساوى لديّ الخير والشّر بعده*فسيّان عندي الضّر بعدك والنّفع رثيتك لكن لا طويلي مقارب*ثناك ولا العشر الطّوال ولا السّبع وما يبلغ التأبين بالشّعر من ثنا*إمام تولّى أمر تأبينه الشرع (١) إننا عندما نطالع هذه الأبيات نشعر بأنها تضج بعاطفة جياشة وتصدر عن نفس صدمت بعبوس الدهر وجفاء الأصحاب وظلم الأهل والعشيرة وهي نفس وفية تنعى فقدان الوفاء، صبت مشاعرها بعبارات قوية وألفاظ جزلة اختار لها المؤلف البحر الطويل.
[٥ - نشاطه العلمي ومؤلفاته ووفاته]
كان العظم مكثرا من التأليف، عاش للعلم وخدم وطنه، وساهم في توعية أبناء مجتمعه، وكان قلمه السيال يدون المقالات التي يزود بها الصحف، ثم أنشأ مجلة «البصائر» شهرية، وصنف العديد من الكتب مع ميل واضح إلى علم التراجم وهو علم يحتاج إلى فكر منظم.
وتلك بعض صفاته، كل ذلك بالاضافة إلى شاعرية مبدعة انطلقت من طبع شعري صقلته المعاناة وزادته أوارا، وقد واجه العوز والفقر مما جعله يبيع مكتبته لينفق على عائلته الكبيرة، وطالما أضفى البؤس والحرمان على بعض الشعراء إحسانا وإتقانا والعظم من هؤلاء فكثرت عطاءاته ومن التصانيف التي تركها:
١ - «عقود الجوهر في تراجم من لهم خمسون مصنفا فمائة فأكثر-ط» في مكتبتي الجزء