للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذلك شوق اللهفان، ورغبة العاشق، وكانت رحلتي معه متعة تبعث النشوة في النفس، فعشت مع كتبه ورجاله معلقا على كل كتاب وشارحا ما غمض، ومفسرا ما أشكل، ومعدّدا الشروح التي وضعت عليه ومترجما للمؤلفين وكل علم ورد اسمه بشكل عارض ومبينا إذا كان الكتاب قد طبع أم لا يزال حبيس دور المخطوطات، وذلك حسب الاستطاعة النابعة من توفر المراجع، معتمدا في ذلك على يوسف اليان سركيس في كتابه «معجم المطبوعات العربية والمعربة» وخير الدين الزركلي في كتابه «الاعلام» وعمر رضا كحاله في كتابه «معجم المؤلفين» إضافة إلى عشرات المصادر والمراجع في التراجم والطبقات. وهكذا كان اختياري مخطوطة «السر المصون» نابعا من هوى قديم وقديما قال الشاعر العربي:

لا يعرف العشق إلاّ من يكابده … ولا الصّبابة إلا من يعانيها

[وقد سرت في عملي ضمن الخطة التالية]

مهدت للدخول إلى حرم الكتاب ببيان فضل العلم باعتباره الركيزة الأساس في بناء الحضارات وأشرت إلى الشفوية الجاهلية وأنها كانت لغة العلم ووسيلة النشر، متعرضا بذلك للعلوم عند العرب لمعرفة مستوى الثقافة السائد، ومن ثم تحديد بدايات للتدوين والتأليف التي لاحظت انها تنبع من اهتمام المسلمين بجمع أحاديث رسول الله لمعرفة الدين كما كان جمع اللغة ووضع علم النحو نابعيين من فشو اللحن بعد عملية التمازج بين الشعوب، وتأثير الدين الاسلامي بتقدم العلوم، ثم نشوء الحركات الفكرية والسياسية والتي تحولت إلى حركات مذهبية والتي لعبت دورها في تنشيط العقل العربي، وما كان لحركة الترجمة والتعريب من اثر، والدوافع التي دعت اليها، ودوران التأليف في مجال الثقافة الدينية من تفسير وحديث وسير ومغاز وذلك أدى بالطبع إلى تراكم المؤلفات وتفرّعها وتأثرها جميعا بطريقة المحدّثين من حيث ضبط المتن والسند ثم وضع المعاجم والموسوعات ونشوء علم التراجم على أثر تقصي أحوال رجال الحديث مستعرضا في جولة سريعة أسماء أهم المصنفات في هذا الفن وصولا إلى كتابنا هذا وأهميته والدور الذي اداه في مجاله، مترجما للمؤلف ذاكرا ما استطعت الحصول عليه من أسماء مؤلفاته ممهدا لذلك باستعراض أوضاع دمشق بلد المؤلف وأسرته العريقة من النواحي الاجتماعية والسياسية والفكرية والتي يمكن ان تلعب دورا في تكوين شخصيته العلمية، متبعا في ذلك المنهج الطبيعي الذي يخضع المفكر لقوانين ثابتة تؤثر في تكوينه الفكري. وأجد من واجبي توجيه الشكر لأهل العلم الذين وضعوا بتصرفي ما لديهم من خبرات ومراجع استعنت بها في عملي فأنوه بشكل خاص بالجهود المتواصلة التي قدمها أمامي استاذي المشرف الدكتور علي زيتون وقد تابع معي الرحلة المتعة أولا بأول فلم يبخل بنصح

<<  <   >  >>