لا بد من مواجهة بعض الصعوبات عند التصدي لأي عمل فكري تأليفا كان أو دراسة أو تحقيقا، وإن أصعب ما يواجه المحقق لمخطوطة ما، التصحيف ورداءة الخط، وتعدد النسخ والنسّاخ وقدم العهد وما يمكن أن يطرأ على الورق من اهتراء أو طمس للكلمات وليس في مخطوطتنا هذه أي شيء من ذلك، فهي واضحة كل الوضوح، وكتابتها بأجمل ما يكون من الخطوط، وهي نسخة وحيدة بخط المؤلف ولما يمض على كتابتها زمن، ومع ذلك فقد عانيت في مواجهتها من أمرين اثنين: الأول: لقيت عناء شديدا في الترجمة لبعض الرجال الذين ذكرهم المؤلف باللقب حينا وبالكنية حينا آخر وبذكر الكتاب مع الجهل بمؤلفه وقد أشرت إلى ذلك عند وصفي للمخطوطة، فاضطررت أن أترجم للعلم بالاحتمال فأقول: لعله فلان أو أحسبه فلانا إلا إذا كنت واثقا من شخصه فأجزم بذلك والثاني عانيت بعض الشيء في تخريج بعض الأحاديث النبوية الشريفة الواردة في المقدمة والتي لم ترد في كتب الصحاح السّتّة.
ولكن هذه المعاناة كانت تتلاشى وتحل محلها سعادة لا توصف وأنا أشعر بلذة الانتصار وقد اكتشفت ما أغلق على المؤلف، وقمت بإغناء الكتاب ولو بشيء قليل.
وها أنا ذا أزفه إلى المكتبة العربية لوحة جديدة تشرق منها معالم حضارتنا الفكرية، مع كونه لم يضف الكثير إلى الصرح الشاهق الذي به نفخر ونعتز، وأرجو أن أقدم به خدمة لدراساتنا التراثية، آملا من الله ﷿ القبول ومن أساتذتي الكرام النصيحة، وعملا بالأثر المنسوب إلى الفاروق عمر ﵁«رحم الله امرءا أهدى الي عيوبي».
وعلى الله أتوكل وهو حسبي ونعم الوكيل.
سليم يوسف
[مصادر الترجمة]
١ - سركيس، معجم المطبوعات العربية والمعربة،٢/ ١٣٤١.
٢ - م حمد أديب آل تقي الدين الحصني، منتخبات التواريخ لدمشق،٢ - ٨٤٨.