للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الممتدة من بداية العصر العباسي (١٣٢ هـ /٧٤٩ م) إلى ما بعد مائة وخمسين سنة حقبة الإزدهار الفكري وبداية التدوين، بل نستطيع القول بأن التدوين سابق لهذا التأريخ ويعود إلى العصر الإسلامي الأول، وإن كان بعد ذلك قد تطوّر ونما وازدهر فهذه سنة الحياة.

[ب-أثر الإسلام في تقدم العلوم]

جاء الإسلام بتعاليمه الإلهية ونظمه المتكاملة يدعو إلى بناء دولة، العبادة فيها لله والخيرية فيها مبنية على أساس التقوى لا العرق واللون، وكانت أولى آياته نزولا آية العلم ﴿إقرا باسم ربّك الذي خلق خلق الإنسان من علق إقرا وربكّ الأكرم الذي علّم بالقلم علمّ الإنسان ما لم يعلم﴾ [سورة العلق،٩٦/ ١ - ٥]. وتعددت الآيات التي تحث على طلب العلم، وتدعو الإنسان للتفكر في هذا الكون وظواهره الطبيعية فيقول الدكتور محمد عبد السلام رئيس المركز الدولي للفيزياء النظرية في مدينة (تريست) الإيطالية «كما يقول الدكتور محمد إيجاز الخطيب من جامعة دمشق، يبلغ عدد الآيات القرآنية التي تحث المؤمنين على التفكر في الطبيعة، والاستفادة المثلى من العقل سبعمائة وخمسين آية» (١). ويزداد اعجابنا عندما نعلم بأن النبي أمر أتباعه بتعلم غير العربية فيقول لزيد بن ثابت (تعلّم كتاب يهود) (٢) أي كتابتهم ويقول له أيضا (إنّي أكتب إلى قوم فأخاف أن يزيدوا عليّ أو ينقصوا فتعلّم السّريانيّة) (٣) هذه التعاليم إن دلت على شيء فإنما تدل على تقدير أهمية العلم وعلى فهم موضوعي لمكانته في بناء الإنسان والدولة، كما دعت آيات القرآن لإخضاع الظواهر الطبيعية وتسخيرها لمصلحة الإنسان أكرم المخلوقات على الله فقال تعالى: ﴿قل انظروا ماذا في السماوات والأرض﴾ [يونس،١٠/ ١٠١] ويقول ﷿ أيضا:

﴿فلينظر الإنسان ممّ خلق﴾ [الطارق،٨٦/ ٠٥] فكر أيها الإنسان في أمر نفسك، في تكوينك، في العناصر التي يتركب منها جسمك الترابي، وأيضا يجب أن تفهم كل ما خلق الله ﴿أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء﴾ [الأعراف،٧/ ١٨٥] ثم يدعوا الإنسان إلى فهم طبيعة هذه النجوم التي تسبح في الفضاء ضمن نظام لا يخطئ، تبعث بأنوارها فتضيء الكون وتكون دليله في الليل، وتبعث الحرارة في جسمه نهارا، وتؤثر في تكوينه بما تبعثه من أشعة، فيقول ﷿: ﴿لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكلّ في فلك يسبحون﴾ [يس:٣٦/ ٤٠].

مسلك رائع يسلكه الإسلام، إنه مسلك يدعو إلى الإعجاب والتقدير ودعوات للعلم


(١) محمد عبد السلام، مستقبل العلم في العالم الاسلامي، مجلة الغدير، بيروت،١٩٩٤، ص ١٢٦.
(٢) صحيح البخاري،٨/ ١٥٢، كتاب العلم، رقم (٧١٩٥)، ابن حجر، فتح الباري،١٢/ ١٨٥.
(٣) أحمد بن حنبل، مسنده،٥/ ١٨٢.

<<  <   >  >>