للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكيمياء عن مريانس الرومي وأتقن هذين العلمين وألف فيهما وله رسائل وكتب في غير هذه الأغراض» (١). كما ينسب له ابن النديم كتاب «الحرارات» و «الصحيفة الكبيرة» و «الصحيفة الصغير» وكتاب «وصيته إلى ابنه في الصنعة» (٢).

كما أننا لا نستطيع أن ننسى روعة الشعر الجاهلي والبلاغة التي تحلّى بها وهي ما دفعت بعضهم للسجود للشعر الجيد وتعليق القصائد الجياد على جدران الكعبة، وكذلك غنى معجم اللغة الجاهلي وفي هذا ينقل أحمد أمين عن «نولدكه» قوله: «إنه ليتملكنا الإعجاب بغنى معجم اللغة العربية القديم إذا ذكرنا مقدار بساطة الحياة العربية» (٣). ويأتي حديث رسول الله ليؤكد بلاغة الشعر الجاهلي فيقول: «إنّ من البيان سحرا وإنّ من الشّعر حكمة» (٤). وفي هذا الكلام ما يكفي ليشهد بروعة هذا الشعر وبلاغته، والذي لا يمكن أن يصل هذه الدرجة من النضج في ظل بيئة خالية من الرقي العقلي مهما كان مستواه.

ونصل إلى صدر الإسلام فنشهد تدوين القرآن الكريم في عهد الخليفة عثمان بن عفان وكان قد جمع في صحيفة واحدة في عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق. وكانت الخشية من تدوين الحديث نابعة من نهي الرسول عن ذلك حيث يقول: (لا تكتبوا عني ومن كتب عنّي غير القرآن فليمحه) (٥). وقيل إن المنع من كتابته إذا كان مع القرآن في صحيفة واحدة حتى لا يختلط الحديث والقرآن، إذ نسب إلى النبي قوله مخاطبا عمرو بن العاص (أكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق) (٦) وأشار الى فيه الشريف.

وقد بدأ التأليف في المغازي والسير فألف وهب بن منبه المتوفي (١١٠ هـ /٧٢٨ م)، وابن شهاب الزهري المتوفى (١٢٤ هـ /٧٤١ م)، وأبان بن عثمان بن عفان المتوفي (١٠٥ هـ / ٧٢٣ م). وعروة بن الزبير المتوفى (٩٤ هـ /٧١٢ م).

ويذكر ابن سعد في طبقاته «أن هشام بن عروة قال: احرق أبي يوم الحرّة كتب فقه كانت له قال فكان يقول بعد ذلك: لأن تكون عندي أحبّ اليّ من أن يكون لي مثل أهلي ومالي» (٧).

يتبين لنا مما سبق ضعف المقولة التي تؤكد على تأخر التأليف والتدوين واعتبار الحقبة


(١) محمد كردعلي، خطط الشام،١٩/ ٢٠/٤.
(٢) ابن النديم، م. ن، ص ٤١٩.
(٣) أمين، أحمد، فجر الاسلام، ص ٥٤.
(٤) سنن الترمذي،٤/ ٢١٦، رقم (٢٠٠١) من رواية عبد الله بن عباس؛ سنن أبو داود،٤/ ٤٧٨، رقم (٥٠١١)، ابن الأثير، جامع الأصول،٥/ ١٦٣،
(٥) صحيح مسلم،٤/ ٢٢٩٨، من رواية أي سعيد الخدري برقم (٣٠٠٤)، كتاب الزهد.
(٦) سنن أبي داود،٣/ ١٧٦، برقم (٢٦٤٦)، باب العلم، وهو حديث حسن.
(٧) ابن سعد، الطبقات الكبرى،٥/ ١٧٩.

<<  <   >  >>