للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بإدراك معانيها في ذلك المقصود ويسمّونها بالمقدمة بكسر الدال وفتحها (١) كما يسمون طائفة من كلامهم فنا أو قسما أو بابا أو فصلا، ويجعلون كتبهم مشتملة على هذه الأمور اشتمال الكل على الأجزاء وهي ما يذكر قبل الشروع في المقصود لارتباطها به ونفعه وهي مقدمة الكتاب. وأما مقدمة العلم: فهو ما يتوقف عليه الشروع في مسائله وهي معرفة حدّه وموضوعه وغايته. فمقدمة الكتاب هي طرف من الكتاب، ومقدمة العلم هي الإدراكات التي يتوقف عليها إدراكات مسائل العلم. فالألفاظ مقدمة الكتاب، وإدراك معانيها هي مقدمة العلم، فمقدمة الكتاب أعم من مقدمة العلم بينهما عموم وخصوص مطلق. والفرق بين المقدمة والمبادي أن المقدمة أهم من المبادي وهو ما يتوقف على المسائل (٢) بلا واسطة أو لا واسطة فتأمّل.

[فصل: في أن أسماء العلوم والكتب هل هي اعلام جنسية أو شخصية.]

اعلم. أن الذي عليه المعوّل في أسماء العلوم والكتب ونحوها انها اعلام شخصية لتلك الألفاظ لا للصور الذهنية، ولا للنقوش، ولا للمركب منها، وهي تعدّ في العرف شيئا واحدا شخصيا. واختلاف اللافظ وتعدّده كتعدّد أمكنة زيد لا يغيّر تشخيصه لأنها غير معتبرة فيه.

ومما يشهد له شهادة يزكيها الاستقراء (٣) تسميتها بالجمل ﴿كقل هو الله أحد﴾ (٤) ومثله معهود معروف في الأعلام كتأبّط شرا (٥) وبرق نحره (٦) وصرّدرّ (٧) دون أسماء الجنس فإنه وان لم يكن منقولا فيها لكنه نادر. وأما الاستدلال له بدخول اللام عليه كالكافية والشافية فليس بشيء لأنه ليس مما يستدلّ بمثله، وما قيل: من أن العلميّة الجنسية مما تفرّد به الرضى فهو


(١) المقدمة، بالكسر أشهر، راجع ابن منظور، م. س،١٢/ ٤٦٨.
(٢) المعروف عند النحاة أن الصفة تتبع الموصوف تذكيرا وتأنيثا، فالمسألة مؤنث ويجب أن تلحق بالفعل تاء التأنيث بحيث تصبح الجملة (وهو ما تتوقف عليه المسائل).
(٣) الاستقراء: هو الحكم على كلي لوجوده في أكثر جزئياته، انظر الجرجاني، التعريفات، ص ١٨.
(٤) الإخلاص،١١٢/أ. وهي كذا في الأصل والصواب كما يلي: ك - قل هو الله أحد.
(٥) هو ثابت بن جابر بن سفيان الفهمي، شاعر عدّاء من فتاك العرب في الجاهلية من أهل تهامة توفي نحو (٨٠ ق هـ / ٥٤٠. م.) قيل إنه أخذ سيفا تحت إبطه وخرج فسئلت أمه فقالت: تأبط شرا فلزمته، ترجم له الزركلي، الاعلام، ٢/ ٩٧؛ كحاله، معجم المؤلفين،٣/ ٩٩.
(٦) برق نحره لم أعثر له على ترجمة.
(٧) هو علي بن الحسين وقيل ابن الحسن بن علي بن الفضل أبو منصور الكاتب الشاعر المعروف ب صرّدرّ توفي عام (٤٦٥ هـ /١٠٣٧ م) من أثاره ديوان شعر يجمع بين جودة السبك وحسن المعنى، كان أبوه شحيحا ويقال له: صرّبعر، فسمي ولده صردرّ لجودة شعره. ترجم له: ابن خلكان، وفيات الأعيان،٣/ ٣٨٥؛ الذهبي، العبر،٣١٩/ ٢؛ ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة،٥/ ٩٤؛ حاجي خليفة، كشف الظنون،١/ ٧٧٣؛ الزركلي، م. س،٢٧٢/ ٤؛ كحاله، م. س،٧/ ٦٦ وفيه هو الحسن بن علي.

<<  <   >  >>