للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

للانسان يهتدي اليه بفكره، وصنف نقلي يأخذه عمن وضعه (١).

وكان لكل من العلوم النقلية والعقلية منهج في البحث والتأليف. تعتمد العلوم النقلية على الرواية وصحة السند، وقد طبق ذلك في التفسير والحديث واللغة والأدب على غرار ما نلاحظ في كتاب «الأغاني». وتعتمد العلوم العقلية كالطبيعة والرياضة والطب على المنطق والتجربة.

ونلاحظ وجود فريق ثالث أخذ بالمنهجين، فبعض الفقهاء لم يكن يكتفي بالاستدلال بآية أو حديث وإنما استعمل الدليل المنطقي في تأييد رأيه. هكذا كان حال العلوم في تطور مستمر.

وقد ساعد على نمو الحركة العلمية وتدوين العلوم اتساع صنعة الورق بعد أن كانت الكتابة تتم على اللخاف والعظام والعسب والرقاق. يقول أحمد أمين: «في أقل من خمسين عاما من أواخر الدولة الأموية إلى صدر الدولة العباسية كانت أغلب العلوم قد دونت» (٢).

وبمرور الزمن أخذت المكتبة العربية بالتكامل، وحمل أبناء الأمم التي سيطر عليها الإسلام بثقافاتهم لكي تمتزج بالثقافة العربية وتساعد على نموها وازدهارها. وقد توحدت هذه الثقافات عن طريق العيش المشترك والتزاوج، وتقبلت الثقافة العربية هذا التراث الوافد وضمته إلى تراثها الأصيل حيث أصبح لدينا هذا التراث الفكري الضخم الذي مثل أرقى ما وصل إليه الإنسان في العصور الوسطى من ثقافة وحضارة، وهنا نرى بعد هذا الاستعراض السريع لمراحل نشوء المكتبة العربية أن الحضارة الإسلامية وليدة البعثة النبوية والتوجهات العلمية التي جاء بها الإسلام، ومما لا خلاف فيه أن هذه الحضارة لم تقتصر على هضم وتمثل الحضارات السابقة بل تعدت ذلك إلى التطوير والإبداع، وابتكار علوم جديدة، وكانت سببا لربط حضارة العالم القديم بالعالم الجديد وهو ما جعل العلماء يقبلون على دراسة هذه الحضارة العظيمة التي صيغت بلغة القرآن وبما فيها من غنىّ بالمفردات والمترادفات ومن أدب صاف هذبته الصحراء فكان مصورا لخلجات النفوس، ومن فلسفة وتصوف مغرقين في التأمل، وتشريع متكامل، ونظم اجتماعية لم تصل الإنسانية بعد إلى خير منها.

[د-المعاجم والموسوعات]

بدأ التأليف الموسوعي عند العرب مع كتاب «احصاء العلوم-ط» لأبي نصر الفارابي المتوفى (٣٣٩ هـ /٩٥٠ م) وذلك على أرجح الأقوال بينما يعتبر بروكلمان أن كتاب «مفاتيح العلوم-ط» تأليف محمد بن أحمد بن يوسف الخوارزمي (٣) المتوفى (٣٨٧ هـ /٩٩٧ م) هو


(١) ابن خلدون، المقدمة، ص ٣٦٣.
(٢) امين، أحمد، ضحى الاسلام،٢/ ١٩.
(٣) كارل بروكلمان، تأريخ الأدب العربي،٤/ ٣٣٣.

<<  <   >  >>