للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أول خطوة في هذا المضمار. على أن من بين كتب الأدب ما يعد من الموسوعات مثل:

«الأغاني-ط» لأبي الفرج الأصفهاني المتوفى (٣٥٦ هـ /٩٧٦ م) و «العقد الفريد-ط» لابن عبد ربه المتوفى (١٠٤١ هـ /١٦٣١ م).

وقد تكاثر هذا النوع من التأليف في العصر المغولي الذي أعقب اجتياح بغداد عاصمة العلم في العالم (٦٥٦ هـ /١٢٥٨ م) وقتل علمائها واحراق مكتباتها (١) فكان كتاب «نهاية الأرب» للنويري المتوفى (٧٣٣ هـ /١٣٣٣ م) و «مسالك الأبصار في ممالك الأمصار» لمؤلفه أحمد بن فضل الله العمرى المتوفى (٧٤٩ هـ /١٣٤٨ م) ثم «صبح الأعشى-ط» لمؤلفه أحمد بن علي بن عبد الله القلقشندي المتوفى (٨٢١ هـ /١٤١٨). والجدير بالذكر أن الحقبة الممتدة بين منتصف القرن الرابع الهجري ومنتصف القرن الثامن الهجري كانت متميزة بالعطاء الفكري رغم الآثار السيئة التي تركها اجتياح بغداد على الفكر والثقافة وهي ظاهرة في منتهى الغرابة، كما أن عناوين هذه الكتب توحي باقتصارها على علم معين فمثلا عندما نقرأ «نهاية الأرب نكاد نجزم بأن الكتاب متعلق بالأدب وفنونه، أو عندما نسمع بكتاب «مسالك الأبصار في ممالك الأمصار» نفهمه كتابا في الجغرافيا ولكننا عندما نتصفح مواضيعه نجد أنفسنا أمام موسوعة ضخمة تجمع بين الأدب والجغرافيا والفقه والعلوم والفنون

لقد نمت المكتبة العربية نموا مضطردا تبعا لسنة الحياة، وتعددت فروع العلوم التي تنبع من علم واحد حتى أصبحت تعد بالمئات، وقد ساعد على هذا النمو عدة عوامل أولها: تشجيع الحكام والسلاطين وتقريبهم لأهل العلم.

وثانيها كثرة الفرق الإسلامية وصراع هذه الفرق الفكري، ودفاع كل منهم عن وجهة نظره وذلك أثمر كثيرا من المؤلفات في هذا المجال، وكلّ كان مبتغاه الدفاع عن الإسلام في وجه التيارات الفكرية الوافدة. وثالثها نشوء المذاهب الإسلامية من سنة، وشيعة، ومعتزلة، وخوارج، ومرجئة، وما ينطوي تحت كل مذهب من فرق، هذا عدا ما كان يعيش تحت لواء الدولة الإسلامية من ديانات أخرى، اليهودية، والنصرانية، والمجوسية، والصابئة، إلى جانب جماعة من الشّكّاك الذين رأوا هذه المذاهب المختلفة والآراء المتعارضة والمتناقضة، فشكّوا فيها جميعا وكفروا بالجدل وقالوا: «إنه لا يسلم إلى إيمان» (٢) وقالوا: «كل ما ثبت بالجدل فبالجدل ينقض»


(١) حسن ابراهيم حسن، تاريخ الاسلام،٤/ ١٥٦ - ١٦١.
(٢) امين أحمد، ضحى الاسلام،٣/ ٣٤٨.

<<  <   >  >>