للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

عينها فيمتنع أن تكون عينه سبحانه عن الاتحاد مع الممكن، هذا هو العلم التفصيلي الحضوري، وله تعالى علم آخر بها اجمالي سرمدي غير مقصور على الموجودات.

قال بعض المحققين: العلم من الموجودات الخارجية. وأما علم الله تعالى فهو قديم وليس بضروري ولا مكتسب، وإنما هو من قبيل النسب والإضافات، ولا شك أنها أمور غير قائمة بأنفسها مفتقرة إلى الغير فتكون ممكنة لذواتها فلا بد لها من مؤثّر ولا مؤثّر إلاّ ذات الله تعالى فتكون تلك الذات المخصوصة موجبة لهذه النسب والإضافات، ثم لا يمتنع في العقل أن تكون تلك الذات موجبة لها ابتداء، ولا يمتنع أيضا أن تكون تلك الصفات موجبة لصفات أخرى حقيقية أو اضافية، ثم أن تلك الصفات توجب هذه النّسب وعقول البشر قاصرة عن الوصول إلى هذه المضايق، وهذا بحث لا مطمع في بلوغ نهايته، وفيما ذكرناه كفاية.

[فصل: في موضوع العلم وبيان معنى المقدمة وتعريفها.]

اعلم أن موضوع العلم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية (١) أي يرجع البحث فيه اليها وهو الخارج المحمول الذي يلحق الشيء لذاته أو لما يساويه أو لجزئه على ما ذكره المتأخرون.

وذلك إما أن يجعل موضوع العلم بعينه موضوع المسألة (٢) ويثبت له ما هو عرض ذاتي له كالجسم الطبيعي في قولهم: كل جسم فله (٣) حيّز طبيعي، أو بأن يجعل نوعه موضوع المسألة، ويثبت له ما هو عرض ذاتي له كالحيوان في قولهم: كل حيوان فله قوة اللمس، أو يثبت له بالعرضية لأمر أعمّ بشرط أن لا يتجاوز في العموم عن موضوع العلم كقول الفقهاء «كلّ مسكر حرام» (٤) أو يجعل عرضه الذاتي أو نوعه موضوع المسألة، ويثبت له العرض الذاتي أو أما يلحق لأمر أعم بالشرط المذكور كقولهم: كل متحرّك بحركتين مستقيمتين لا بدّ وأن يسكّن بينهما.

فقوله: ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية تفصيله ما ذكرناه إذ لا ريب في انه يبحث في العلوم عن الأحوال المختصة بأنواع موضوع العلم، بل ما من علم إلا ويوجد فيه ذلك.

اعلم أن أرباب التصانيف كثيرا ما يقدمون أمام المقصود طائفة من الكلام ينتفع الطالب


(١) كلمة (الذاتية) الألف ساقط من الأصل.
(٢) كذا في الأصل وقد تكررت عند المؤلف والصواب (المسألة) بأن تكون الهمزة على الألف، كما تكررت الإشارة إلى ذلك، انظر ابن منظور، لسان العرب،١١/ ٣١٨.
(٣) كذا في الأصل (فله) وقد تكررت في هذه الصفحة مرتين والفاء زائدة لا معنى لها.
(٤) طرف من حديث طويل للنبي (ص) أوله «كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام» متفق عليه من حديث عبد الله بن عمر بروايات متعددة، انظر ابن الأثير، جامع الأصول،٥/ ٩٨ وما بعدها.

<<  <   >  >>