للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويظهر أن سفره إلى مصر كان بدافع الهروب من السلطات التركية ولو بقي لكان نصيبه النفي والتشريد كغيره من الوطنيين، وهذا السفر جعله يخسر وظيفته وبالتالي جعله يعيش حياة فاقة فجرّت فيه ما أشار اليه من شاعرية حيث يقول عن نفسه: «وقد ولعت بالشعر والكتابة من عهد الصبا، فأكثرت ثم اعترتني حال فأحرقت جميع ما نظمته وكتبته إلا المؤلفات» (١).

لقد حرمتنا تلك الحال التي ألمحنا إليها من تذوّق ما نظم والاستفادة مما كتب ولم يصلنا من شعره إلا القليل، وإذا كان ذلك فإن شاعريته ليست في مجال الانكار، فها هو المؤرخ الدمشقي محمد كرد علي يصنفه بين شعراء الشام الكبار (٢) أمثال: خليل مردم (٣) وخليل مطران (٤) وايليا أبو ماضي (٥) وزكي المحاسني (٦) وغيرهم. وكذلك جميل الشطي في كتابه «أعيان دمشق» يصفه بقوله «فاضل متفنن صاحب آثار» (٧). وثالث من مؤرخي دمشق وهو محمد أديب تقي الدين الحصني في كتابه «منتخبات التواريخ لدمشق» يقول: «وهو من أركان المعارف والنهضة العلمية بدمشق» (٨). ورابع وهو أدهم آل جندي في كتابه «أعلام الأدب والفن» يقول فيه: «لقد كان ناثرا متفننا، وشاعرا فذا، مبدعا في أسلوبه، متين القوافي، أنيق الديباجة، رقيق الوصف، قوي الارتجال في كل مجال، إلاّ أنه متوار بزهده وتواضعه، واقف غرر قصائده ودررها على حمد الله تعالى ومدح رسوله الكريم » (٩).

ثم يورد له الجندي قصيدة ارتجلها في رثاء صديقه مفتي بيروت الشيخ مصطفى نجا ومطلعها:

بكيت دما من بعد ما نفد الدّمع*وصمّ لنعي قد سمعت به السّمع


(١) الزركلي، م. س،٢/ ١٣٩.
(٢) محمد كرد علي، م. س،٤/ ٧٠.
(٣) هو خليل بن أحمد مختار مردم بك، تولى رئاسة المجمع العلمي بدمشق، شاعر معروف، عمل وزيرا للمعارف، له تصانيف، ولادته ووفاته (١٣١٣ - ١٣٧٩؛/١٨٩٥ - ١٩٥٩ م). الزركلي، م. س،٢/ ٣١٥.
(٤) هو خليل بن عبد الله المطران من مواليد بعلبك، لقب بشاعر القطرين، سكن مصر صنّف وعرّب من الفرنسية، ولادته ووفاته (١٢٨٨ - ١٣٦٨ هـ /١٨٧١ - ١٩٤٩ م). الزركلي، م. س،٢/ ٣٢٠.
(٥) هو ايليا بن ضاهر أبي ماضي من كبار شعراء المهجر، له تصانيف، ولد في قرية المحيدثة في لبنان، ولادته ووفاته (١٣٠٦ - ١٣٧٧ هـ /١٨٨٩ - ١٩٥٧ م). الزركلي، م. س،٢/ ٣٥.
(٦) هو زكي بن شكري المحاسني دكتور في الأدب، أديب دمشقي عمل ملحقا ثقافيا في السفارة السورية بالقاهرة، له تصانيف. وفاته (١٣٩٢ هـ /١٩٧٢ م). الزركلي. م. س،٣/ ٤٧.
(٧) جميل الشطي، اعيان دمشق، ص ٣٤٦.
(٨) الحصني، م. س،٢/ ١٨٤٨.
(٩) أدهم آل جندي، م. س،٢/ ١٢٤.

<<  <   >  >>