للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أسعد باشا العظم في جوار جامع بني أمية بدمشق شرع بانشائها (١١٦٣ هـ /١٧٤٩ م) وانتهت (١١٧٤ هـ /١٧٦٠ م) قيل: إن ما أنفق عليها أربعمائة كيس كل كيس بخمسمائة قرش (١) وكذا قصره في حماه وهو من عجائب الدهر، ويفهم من كلام محمد كرد علي أن هذا الباشا كان ظالما وقد صادر جهود العمال وأموالهم لبناء قصوره، وهكذا الحياة فيها العادل والظالم وكل أسرة تتفاوت صفات أفرادها خيرا وشرا.

والذي يجمع عليه المؤرخون أن الكثير من رجالات هذه الأسرة كانوا وزراء وباشوات وحكاما وكان فيهم الأدباء والعلماء ومنهم المؤلف. وقد جاء في معجم سركيس ما يلي: «في كتاب مخطوط «حوادث الشام» أخبار عن طائفة بيت العظم وما كان لهم من الوجاهة في البلاد الشامية. قال مؤلفه:-أي حوادث الشام-في سنة (١٣٣٢ هـ /١٧٢٠ م) صاروا طائفة بيت العظم وزراء وحكام في مدينة دمشق وحلب وطرابلس وصيدا» (٢). كما قال فيهم المؤرخ الدمشقي عبد القادر بدران: «عائلة بني العظم هي الأسرة الكبيرة العريقة بالمجد والوراثة للمفاخر والسؤدد كابرا عن كابر، ومفاخر أجدادهم لم تزل باقية حتى اليوم تترجم عنها أبنيتهم العجيبة ومدارسهم العلمية في دمشق لم تزل محط رجال العلم والفضلاء (٣).

لقد عاش المؤلف حياة هذه الأسرة المترفة صاحبة الشأن ونهل من معاني عزتها وأمجادها، كما شهد أفول نجم الدولة العثمانية التي كانت أسرته تستظل لواءها وعايش الويلات التي حلت بوطنه والمستجدات التي لا بد من حصولها عند تغيير النظام ونالت من مدح المادحين وهجوم الناقدين الشيء الكثير، ومن مادحيها العلامة الشيخ عبد الغنى النابلسي حيث يقول على أثر واقعة جرت لهم:

يا قائلا إنّ العظام تكسّرت*أبدا ولا يعلوا لهنّ مقام أقصر فهم باقون في أوج العلا*أبد الورى إنّ العظام عظام (٤) وقد كان في هذه الأسرة الغني والفقير، وكان مؤلفنا من الطبقة الأخيرة، ولكنه كان في العلم من أهل الغنى واليسار، وكأن العلم والمال لا يجتمعان.


(١) محمد كرد علي، م. س،٥/ ٢٨٦ - ٢٨٧.
(٢) سركيس، معجم المطبوعات العربية والمعربة،٢/ ١٣٤١ وقد اثبتنا الكلام كما ورد رغم ما يشوبه من لحن وركاكه. الحصني، م. س،٢/ ٨٤٨.
(٣) الحصني، منتخبات التواريخ لدمشق،٢/ ٨٤٨ والشعر من الكامل.
(٤) أدهم آل جندي، اعلام الأدب والفن،٢/ ١٢٣. وقد اثبت لقب (بك) كما جاء لدى المؤرخين.

<<  <   >  >>