للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللفظ متباينة لا يجمع بينها معى مشترك، فاللعين تطلق على الباصرة وعلى الذهب وعلى الجارية وليس بين هذه الأمور أي معنى يجمعها سوى لفظ "عين" الذي يطلق على كل منها، وكذل المشتري يطلق على مشتري السلعة، ويطلق على الكوكب المسمى بالمشتري، وليس بينهما أي معنى مشترك سوى أن لفظ "المشتري" جمع بينهما لفظا. فإذا قيل: الله سميع، والمخلوق سميع، والمخلوق سميع، فهل السميع هنا من باب المشترك اللفظي؟ ونحن إذا فهمنا معنى السميع بالنسبة للمخلوق فهل يقول قائل: إن السميع بالنسبة لله قد يكون له معنى آخر بعيد جداً، كالبعد الذي بين الكوكب والمبتاع للسلعة.؟، لا شك أن هذا القول يؤدي إلى تعطيل أسماء الله وصفاته عن معانيها اللائقة به تعالى.

أما المتواطئ فهو معنى كلي على أعيان متعددة، كالإنسان، فهو معنى كلي يدل على جميع بني الإنسان بالسوية، فيصدق على زيد وعمرو ومحمد وأحمد من الناس، لكن هذا المعنى الكلي الذي يجمعهم لا يعني أن حقيقة زيد هو حقيقة عمرو، بل كل له حقيقته الخاصة وإن كان يجمعهم معنى "الإنسان". والمشكك جزء من التواطؤ العام، لأنه يدل على أشياء متعددة لأمر عام مشترك بين أفرادها، لكنه في بعضها أقوى أو أشد.

وقد بين شيخ الإسلام أن هذا التوافق بين أسماء الله وصفاته وأسماء المخلوقين وصفاتهم لا يجوز أن يكون من باب المشترك اللفظي، بل هو من باب المتواطئ أو المشك، لأن هناك معنى كليا يفهم من مطلق صفة السمع أو البصر أو الحياة أو الوجود، وإن كان سمع الله وبصره وحياته ووجوده، يخصه لا يشاركه فيه أحد من الخلق، كما أن سمع المخلوق وبصره وحياته ووجوده يخصه.

ومع تجويز شيخ الإسلام أن تكون من باب المتواطئ أو المشكك، إلا أنه يتعمق في ذكر الفرق بينهما، ولذلك فهو يرى أن القول بأ، هـ من المتواطئ واضح في هذا الباب، وأ، القول بأن المعنى الذي هو مدلول اللفظ العام ومورد التقسيم مشترك بين الأقسام، لا مانع منه ما دامت حقيقة كل قسم تخصه لا يشركه فيه غيره، وأما الذي ظنه بعض الناس من أنه يخلص من هذا الاشتراك

<<  <  ج: ص:  >  >>