كثيراً ما يحكم شيخ الإسلام ابن تيمية على أهل الكلام من الأشاعرة وغيرهم بأن معرفتهم بالسنة وأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - قليلة، وأن خبرتهم بمذهب السلف وأهل السنة والجماعة ضعيفة، ولم يكن شيخ الإسلام يطلق أحكامه تلك بناءً على ظن، أو إلزام، وإنما كان منطلقاً من معرفة تامة بكتب الأشاعرة وغيرهم، واستيعاب عجيب لأقوالهم ومقالاتهم، وتتبع دقيق لكتبهم في المقالات والملل والفرق، وكان شيخ الإسلام قبل هذا كله على دراية بأحكام الكتاب والسنة، واطلاع واسع على حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع تمييز صحيحه من ضعيفه، كما أن معرفته بأقوال أهل السنة وأحوالهم ورواياتهم ورسائلهم وردودهم وكتبهم، كانت قوية ومتمكنة.
ولذلك جاء نقد شيخ الإسلام للأشاعرة مبيناً على وثائق من كتبهم مع مقارنتها بما في كتب السلف، كما أن مناظرته لخصومه في حياته لا تخلو من بيان مثل هذه الحقائق (١) .
وقد جاءت تعليقات شيخ الإسلام كما يلي:
- تعليق مجمل يبين حال أهل الكلام في ذلك، وأحياناً يضرب الأمثلة بأكثر من واحد منهم.
- نقد مفصل لكل واحد من أعلام الأشاعرة.
(١) ذكر ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة (٢/٢٣) ، في معرض ترجمته لعبد الغني المقدسي وإشارت إلى مناظرته لخصومه، قال - أي ابن رجب - " لقد عقد مرة مجلس لشيخ الإسلام أبي العباس ابن تيمية، فتكلم فيه بعض أكابر المخالفين، وكان خطيب الجامع، فقال شيخ شرف الدين عبد الله -أخو الشيخ- كلامنا مع أهل السنة، وأما أنت، فأنا أكتب لك أحاديث من الصحيحين وأحاديث من الموضوعات - وأظنه قال: وكلاماً من سيرة عنتر- فلا تميز بينهما - أو كما قال -فسكت الرجل " وذكر شيخ الإسلام في درء التعارض (٨/٨٩) ، في معرض بيانه لجهل الأشاعرة بأقوال ومذهب السف فقال: " حتى أن من قضاتهم وأكابرهم من يحكي أقوال الأئمة الأربعة في مسألة من المسائل الكبار، فإذا قيل له: أهذا نقله أحد عن الشافعي، أو فلان، أو فلان؟ قال: لا، ولكن هذا قاله العقلاء، والشافعي لا يخالف العقلاء، أو نحو هذا الكلام..".