الحق أن هذا تناقض، يقول شيخ الإسلام:" ومعلوم أن ما ذكروه ينفي أن يكون الدليل السمعي حجة في هذا القسم أيضاً، وذلك لأن الشيء الذي يمكن وجوده وعدمه، إذا دل الدليل السمعي على أحد طرفيه، وجوزنا أن لا يكون مدلول الدليل السمعي ثابتاً، أمكن هنا أيضاً أن لا يكون ذلك المخبر به ثابتاً في نفس الأمر، وأن يكون الشارح لم يرد ما دل عليه قوله، ولا يحتاج ذلك إلى تجويز قيام دليل عقلي يعارض ذلك.. وحينئذٍ فلا يستدل بالسمع على مالا مجال للعقل فيه من الأمور الأخروية، وهذا نهاية الإلحاد "(١) .
ومن خلال ما سبق يتبين كيف أن هذا القانون مؤداه إبطال السمع والاقتصار على أدلة العقول، وهذا منتهى قانونهم الفاسد.
تاسعاً: أن المسائل التي يقولون -إنه تعارض فيها العقل والسمع - هي من المسائل المشتبهة، ولذلك فإن أهل الكلام حيالها مختلفون لأن كل طائفة منهم بنت أقوالهم في هذه الأمور المجملة المشتبهة على ما عندها من المعقولات التي تدعي أنها قطعية تفصل في الأمر المراد.
وبيان ذلك كما يلي:
أ - أن عامة موارد التعارض " هي من الأمور الخفية المشتبهة التي يحار فيها كثير من العقلاء، كمسائل أسماء الله وصفاته وأفعاله، وما بعد الموت من الثواب والعقاب والجنة والنار والعرش والكرسي، وعامة ذلك من أنباء الغيب التي تقصر عقول أكثر العقلاء عن تحقيق معرفتها بمجرد رأيهم، ولهذا كان عامة الخائضين فيها بمجرد رأيهم: