للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- وشيخ الإسلام لا يلغي العقل - كما قد يفهمه عنه بعض خصومه أو الجاهلين بمنهجه - بل يقرر دائماً أن القرآن جاء بالأدلة العقلية والأمثلة المضروبة، وقد سبق شرح ذلك عند الحديث عن منهجه العام (١) ، ولذلك يقول في كتابه درء التعارض: " والمقصود في هذا المقام أنه يمتنع تقديم العقل على الشرع، وهو المطلوب.. ونحن لم ندع أن أدلة العقل باطلة، ولا أن ما به العلم صحة السمع باطل، ولكن ذكرنا أنه يمتنع معارضة الشرع بالعقل وتقديمه عليه.. [ثم يقول] : " إن مسمى الدليل العقلي - عندما يطلق هذا اللفظ - جنس تحته أنواع، فمنها ما هو حق، ومنها ما هو باطل، باتفاق العقلاء " (٢) ، وشيخ الإسلام يحدد موطن النزاع في المقصود بالعقل أو الدليل العقلي، إذ ليس كل دليل عقلي، مرفوضاً، بل إن القرآن الكريم والسنة النبوية جاءا بالأدلة العقلية في إثبات الربوبية، والألوهية، والنبوة، والمعاد. وغيرها..

أما الردود التفصيلية على هذا القانون فقد ذكر شيخ الإسلام في كتابه درء التعارض أربعة وأربعين وجهاً رئيسياً، وتخلل أكثر هذه الأوجه أوجه فرعية ومناقشات تفصيلية تبلغ أحياناً أكثرر من مجلد، كما هو الحال في الوجه التاسع عشر (٣) ، والثالث والأربعين (٤) ، ولتداخل بعض هذه الأوجه مع البعض الآخر، فيمكن عرض منهج ابن تيمية فيها كمايلي:

أولاً: مناقشة صياغة الدليل أو القانون الذي وضعوه ومناقشة ما حوى من عبارات أو مصطلحات وما ترتب على ذلك من النتائج الباطلة، وقد بين ذلك من خلال الأوجه: الأول، والثاني، والثالث، والخامس عشر.

أ - فصياغة القانون تقول: إذا تعارض العقل والنقل، فما المراد بالعقل والنقل. هل المراد القطعيان أو الظنيان، أو ما كان أحدهما قطعياً والآخر ظنياً،


(١) انظر: (ص: ٢٥٢) ، وما بعدها من الباب الأول.
(٢) انظر: درء التعارض (١/١٩١) .
(٣) الذي بدأ من (١/٣٢٠) ، إلى نهاية المجلد الرابع.
(٤) بدأ في بداية المجلد السادس إلى (٧/١٤٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>