للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: قول من يقول: إن الأعمال في الأصل ليست من الإيمان، فإن أصل الإيمان هو ما في القلب، ولكن الأعمال لازمة له، فمن لم يعمل انتفى إيمانه، لأن انتفاء اللازم يقتضي انتفاء الملزوم. ثم إنها صارت في عرف الشارع جزاءا من الإيمان (١) .

وبما سبق يتبين أن الأعمال داخلة في الإيمان خلافا للمرجئة.

[المسألة الثانية: الاستثناء في الإيمان]

وهو قول الإنسان: أنا مؤمن إن شاء الله (٢) . والأقوال فيه ثلاثة:

١- قول من يحرمه، وهم الجهمية والمرجئة وغيرهم الذين يجعلون الإيمان شيئاً واحدا يعلمه الإنسان من نفسه. ومن استثنى فقد شك، وسموا المستثنين الشكاكة.

٢- قول من يوجبه، ولهم فيه مأخذان:

أحدهما: مأخذ الكلابية والأشعرية، الذين يقولون بالموافاة، وهو أن الإيمان هو ما مات عليه الإنسان، وكذلك الكفر هو ما مات عليه الإنسان، أما قبل ذلك فلا عبرة به.

فعند هؤلاء بالنسبة لما مضى من إيمان الإنسان لا يجوز له أن يستثنى فيه، ثم لما رأوا المشهور عن أهل الحديث الاستثناء في الإيمان، جعلوا الاستثناء في المستقبل لأنه هو الذي يشك فيه الإنسان فأوجبوه لهذا.

ودعم هذا من مذهبهم منع حلول الحوادث بذات الله، ومن ثم قالوا إن الحب والرضا، والسخط والغضب ونحو ذلك صفات أزلية قديمة. قالوا: والله يحب في أزله من كان كافرا إذا علم أنه يموت مؤمنا، ويبغض في أزله من كان مؤمنا إذا علم أنه يموت كافراً.


(١) انظر: الإيمان (ص:١٩٠) .
(٢) أما الاستثناء في الإسلام وقول الإنسان: أنا مسلم إن شاء الله، فالمشهور عن أهل الحديث أنه لا يستثنى فيه، وهو المشهور عن الإمام أحمد. وروى عنه الاستثناء فيه. انظر: الفرقان بين الحق والباطل - مجموع الفتاوى - (١٣/٤٣) ، والإيمان (ص:٢٣٩، ٢٤٣) ط الكتب الإسلامي.

<<  <  ج: ص:  >  >>