سنعرض في هذا المبحث- بشكل مختصر- لمنهج السلف في العقيدة، وتميزهم بهذا عن غيرهم من أهل البدع والأهواء، وهذا الموضوع قد كتب حوله الكثير، ولكن أغلب ما كتب جاء مقدمة لبعض النصوص المحققة في عقيدة أهل السنة، أو لبعض البحوث المتعلقة بجانب من جوانبها، وكان من الواجب أن يفرد برسالة جامعة تستقصي ما يتعلق بهذا الموضوع، وتبين الشبهات المثارة حول مذهب السلف، وترد عليها، كما ترد على دعاوى المنتسبين إليها ممن ليس من أهلها أو ممن انحرف عنها- وعلى حد علمي لم يكتب في ذلك رسالة- (١) .
والكتابة حول هذا الموضوع من خلال التمهيد لهذا البحث المتعلق بموقف ابن تيمية من الأشاعرة لا يمكن التوسع فيها إلا من خلال ما يتعلق بالموضوع، وقد ناقش ابن تيمية-رحمه الله- كثيرا من الأشاعرة في هذه المسألة، وبين غلطهم في بعض القضايا المتعلقة بحقيقة مذهب السلف أو بحقيقة منهجهم - رحمهم اللهـ وسنشير إلى ذلك في موضعه من هذه الرسالة- إن شاء اللهـ.
أما هنا فسنذكر لمحات في هذا الموضوع تكملة للمبحثين السابقين، والشىء الواضح في هذا أن السلف تميزوا عن أصحاب الأهواء والفرق بميزة الرجوع إلي الكتاب والسنة والاعتصام بهما، وبذلك سلموا من الانحراف، أما من عداهم فلابد أن تجد في انحرافهم أو بدعهم ما كان سببه وقوعهم في مخالفة أمر الله وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم -، أو ارتكاب ما نهى عنه الله ونهى عنه رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومن أمثلة ذلك:
* نهى الله ونهى رسوله - صلى الله عليه وسلم - عن اتباع المتشابه، فجاءت فرق عديدة تتبع ما تشابه من القرآن، وتضرب كتاب الله بعضه ببعض.
(١) في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة سجلت رسالة بعنوان: العقيدة السلفية فى مسيرتها التاريخية وقدرتها على مواجهة التحديات. للباحث محمد المغراوى.