والآن بعد هذه المباحث المتواصلة التي شملت عدة فصول في "موقف ابن تيمية من الأشاعرة" نخلص إلى خاتمة هذه الدراسة باستخلاص النتائج التالية:
١- أن مذهب السلف يقوم على أسس وقواعد قوية ثابتة، عمادها الكتاب والسنة والإجماع، وكل دعوى في أتباع مذهب السلف لا تقبل ما لم تكن مبنية على منهجهم الواضح المستقيم. ولا تزال - والحمد لله - في كل زمن طائفة قائمة بالحق، تدعو إليه، وتجاهد في سبيله، وتجدد ما اندرس من معالمه، لا يضرها من خذلها ولا من خالف أمرها.
ومن خلال ما كتبه أئمة السنة - وخاصة أصحاب القرون المفضلة - سواء كان شرحا للعقيدة، أو ردا على خصومها، تكونت معالم بارزة، ومنطلقات واضحة، تحدد المنهج الحق لمن أراد أن يسلكه والطريق الصحيح لمن رام خدمة دينه وعقيدته وابتغاء رضوان ربه.
٢- ومن خلال عرض حياة شيخ الإسلام وعصره، تبين كيف كان ذلك العصر مليئا بالأحداث الجسام، وكيف كان شيخ الإسلام ابن تيمية علما بارزا، وإماما عظيماً، كان له أثر واضح في تلك الأحداث. السياسية منه والعلمية.
٣- ظهور شيخ الإسلام في ذلك العصر الذي طغت فيه الطوائف المنحرفة من باطنية ورافضة، وصوفية، ومعتزلة وأشاعرة وغيهرا - على أنه المدافع والمنافح عن مذهب وعقيدة السلف أمام هؤلاء جميعا. وقد ترك على إثر ذلك تراثا ضخما، تمثل في عشرات المجلدات في شتى الفنون. يجمعها الدفاع عن مذهب السلف والرد على خصومه.
٤- وشيخ الإسلام كان له منهج واضح في عرضه لعقيدة أهل السنة والجماعة أو في الرد على مخالفيها، وأبرز ما في هذا المنهج - إضافة إلى اعتماده على الكتاب والسنة وأقوال السلف، وتأدبه بأدبهم - ثباته على منهم محدد، فلم يتناقض ولم تتغير قناعته، ولم تختلف به المناهج والسبل كما حدث لغيره،