للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في ذلك رسائل مختلفة، وسرعان ما تشتهر وتنتشر بين الناس، وهذا بخلاف ابن كلاب الذي كانت مؤلفاته قليلة، ولم تكن تلقى قبولا بسبب موقف أئمة أهل السنة منه، بل وصل الأمر إلى أن يتستر الكلابية بما عندهم كما حدث لتلامذة ابن خزيمة الموافقين لابن كلاب، لم يستطيعوا أن يظهروا ما عندهم فضلا عن أن ينشروه أو يدرسوه.

٥- وأخيرا يأتي دور تلاميذ الأشعري، ومن جاء بعدهم من تلامذتهم في ترسيخ نسبة المذهب إليه في دروسهم وكتبهم، إضافة إلى دورهم في نشره والدفاع عنه، يقول القاضي عياض عن الأشعري: " فلما كثرت تواليفه، وانتفع بقوله، وظهر لأهل الحديث والفقه ذبه عن السنن والدين، تعلق بكتبه أهل السنة وأخذوا عنه، وتفقهوا في طريقه (١) ، وكثر طلبته وأتباعه لتعلم تلك الطرق في الذب عن السنة، وبسط الحجج والأدلة في نصر الملة، فسموا باسمه، وتلاهم أتباعهم وطلبتهم فعرفوا بذلك، وإنما كانوا يعرفون قبل ذلك بالمثبتة، سمة عرفتهم بها المعتزلة؛ إذا أثبتوا من السنة والشرع ما نفوه، فبهذه السمة أولا كان يصرف أئمة الذب عن السنة من أهل الحديث كالمحاسبي، وابن كلاب، وعبد العزيز بن عبد الملك المكي، والكراسي، إلا أن جاء أبو الحسن، وأشهر نفسه، فنسب طلبته والمتفقهة عليه في علمه ونسبه، كما نسب أصحاب الشافعي إلى نسبة وأصحاب مالك وأبي حنيفة وغيرهم من الأئمة إلى أسماء أئمتهم الذين فكذلك أبو الحسن، وتفقهوا بطرقهم في الشريعة، - وهم لم يحدثوا فيها ما ليس منها - فكذلك أبو الحسن، فأهل السنة من أهل المشرق والمغرب بحججه يحتجون، وعلى منهاجه يذهبون، وقد أثني عليه غير واحد منهم، وأثنوا على مذهبه وطريقة (٢) .

[- أسباب انتشار المذهب الأشعري]

لاشك أن مذهب الأشاعرة انتشر في أنحاء العالم الإسلامي، حتى كاد يستقر في بعض الأزمنة أن مذهبهم هو مذهب أهل السنة والجماعة، ومع


(١) هكذا في ترتيب المدارك.
(٢) ترتيب المدارك (٥/٢٥) -ط مغربية -.

<<  <  ج: ص:  >  >>