كان إلى الحق أقرب فإنه يبين رجحانه على ما كان عن الحق أبعد، ألا ترى أن الله تعالى لما نصر الروم على الفرس - وكان هؤلاء أهل الكتاب، وهؤلاء أهل أوثان - فرح المؤمنون بنصر الله لمن كان إلى الحق أقرب على من كان عنه أبعد. وأيضاً فيمكن القريب إلى الحق أن ينازع البعيد عنه في الأصل الذي احتج به عليه البعيد، وأن يوافق القريب إلى الحق للسلف الأول الذين كانوا على الحق مطلقاً" (١) .
ولذلك أنصف خصومه كلهم من الأشاعرة وغيرهم بناءً على هذه القاعدة.
٢- أن ذكره لجوانبهم الإيجابية لم يأتِ مستقلاً، وإنما جاء على أثر، أو في أثناء مناقشاته لهم، ولذلك تجده عندما يرد عليهم يقرن ذلك بذكر ما عندهم من حق، وكذلك إذا ذكر إيجابيتهم أو مدحهم يقرن ذلك بذكر ما عليهم من ملاحظات عامة.
٣- لم يكن شيخ الإسلام ابن تيمية يكيل المدح أو الذم جزافاً، بل يقرن ذلك بكثير من التحفظ، والسبب في ذلك أنه بنى منهجه على مقياس الاتباع لمنهج أهل السنة وليس على الأشخاص، إذ كل إنسان - مهماً كان - يؤخذ من قوله ويترك سوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
٤- قال كلمة الحق في معاصريه، ومدح بعضهم، ولم تأخذه سورة الغضب والمحن التي مر بها بسببهم إلى أن يقول فيهم غير الحق، أو أن يغمط ما هم عليه من أتباع للسنة.
وعلى ضوء ما سبق يمكن توضيح هذا الجانب - أي ما ذكره ابن تيمية من إيجابية عند الأشاعرة واعترافه بما عندهم من حق - كما يلي:
أولاً: وصفهم بأنهم من أهل السنة في مقابل المعتزلة والرافضة:
١- يقول شيخ الإسلام في معرض ذكره لذم السلف لأهل الكلام من الأشاعرة وغيرهم: " وإن كان في كلامهم من الأدلة الصحيحة وموافقة السنة