للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

د - ومن الآثار الفاسدة أن هؤلاء المتكلمين لم يبقَ معهم من الطرق التي يسلكونها إلا طريقان:

- إما طريق النظار وهي الطريق القياسية العقلية.

- وإما طريق الكشف والتصوف.

ومعلوم أن في هذين الطريقين من التناقض والمخالفة للكتاب والسنة ما هو معروف مشهور، ومن المعلوم أن النتيجة التي ينتهي إليها من سلك الطريق الأول: الحيرة والشك كما حدث لكثير من أهل الكلام، ومن سلك الطريق الثاني: انتهى به الأمر إلى الشطح المؤدي إلى الإلحاد (١) .

سابعاً: وهناك أيضاً لوازم فاسدة تلزم من قال بهذا القانون ومن ذلك:

أ - أن قول هؤلاء يؤدي إلى الاعتقاد بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يبين للناس أصول دينهم، ولا عرفهم علماً يهتدون به، وإنما بين لهم الأمور العملية فقط كالعبادات والمعاملات وغيرها، فيلزم من هذا أن تكون عقولهم ومشايخهم الذين بينوا لهم أشرف العلوم وهي علوم أصول الدين، أفضل من الأنبياء الذين لم يبينوا إلا الأضعف وهو الأمور العملية، وفعلاً أدى هذا ببعض الملاحدة إلى أن يفضلوا الفيلسوف أو الولي على النبي، " ومن لم يصل إلى هذا الحد من ملاحدة المتكلمين والمتعبدين ونحوهم، فقد شاركهم في الأصل، وهو تفضيل أئمته وشيوخه على الأنبياء، ومن لم يقر منهم بتفضيل أئمته وشيوخه على الأنبياء لزمه ذلك لزوماً لا محيد عنه.. إذا جعل العلم بالله وملائكته وكتبه ورسله والمعاد لا يستفاد من خطاب الأنبياء وكلامهم وبيانهم وطريقهم التي بينوه، وإنما يستفاد من كلام شيوخه وأئمته" (٢) .

ب - أنه يلزم -إذا كانوا يعتقدون أنه لا يستفاد من كلام الله ورسوله شيء في بيان أصول الدين - يلزم من هذا أن الأنبياء قد لبسوا على الناس ودلسوا،


(١) انظر: درء التعارض (٥/٢٤٥-٢٤٦) ، وانظر مثلاً على ذلك من كلام الغزالي (٥/٣٤٦-٣٥٧) .
(٢) انظر: درء التعارض (٥/٣٦٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>