مما سبق يتبين كيف تطور المذهب الأشعري بدءاً من الأشعري وإلى عصر شيخ الإسلام ابن تيمية، ومنه يتبين كيف دخل هذا المذهب على يد أعلامه في متاهات كلامية وفلسفية، وصوفية، فقرب من الاعتزال، وخلط علومه بمقدمات الفلاسفة المنطقية وغيرها، وقرن ذلك بتصوف منحرف.
أما ما استقر عليه مذهب الأشاعرة، فلا يمكن تحديد ذلك بدقة، لاختلاف الأقوال وتعارضها، وقد يثبت بعضهم ما نفاه الآخرون، ومع ذلك فيمكن أن يقال: إن الأرضية التي استقر عليها هذا المذهب هو ما سطره الإيجي في كتابه المواقف، مع ملاحظة أنه يعرض أحياناً في بعض المسائل لعدة أقوال داخل المذهب الأشعري، ومع ملاحظة أن الأشاعرة حتى في العصور المتأخرة يعولون على كتب السابقين مثل كتب الأشعري والباقلاني والجويني والغزالي والرازي وغيرهم.
لذلك فيمكن أن يقال: إن المذهب الأشعري أخذ السمات التالية:
١- ضرورة المقدمات المنطقية والعقلية لتحديد المصطلحات، والإحالة عليها عند عرض ما يتعلق بها من موضوعات العقيدة.
٢- التمسك بدليل حدوث الأجسام، والتركيز على ضرورته لأجل الرد على القائلين بقدم العالم.
٣- استقرار القانون العقلي - عند تعارض العقل والنقل - الذي جاءوا به على أنه قانون مسلم، يلجأون إليه دائماً عندما يواجهون بالنصوص.
٤- خبر الآحاد لا يفيد اليقين، فلا يحتج به في العقائد ابتداءً، ولا مانع من الاحتجاج به في مسائل السمعيات، أو فيما لا يعارضه قانون عقلي.
٥- مسألة نفي العلو والجهة، أصبحت من المسائل المسلمة التي لا تقبل المناقشة.