للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خامساً: أن هذا القانون مخالف لما هو معلوم من أن مهمة الرسل والبيان والهدى، ولذلك فهو من فعل المكذبين لهم، وقد شرح شيخ الإسلام ذلك من خلال الأوجه التالية:

أ - أن معارضة أقوال الرسول بأقوال غيرهم هو من فعل الكفار، قال الله تعالى: {مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا} (غافر:٤) ، وقال: {لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} (الكهف:٥٦) ، وغيرها، " ومن المعلوم أن كل من عارض القرآن وجادل في ذلك بعقله ورأيه فهو داخل في ذلك، وإن لم يزعم تقديم كلامه على كلام الله ورسوله، بل إذا قال ما يوجب المرية والشك في كلام الله فقد دخل في ذلك، فكيف بمن يزعم أن ما يقوله بعقله ورأيه مقدم على نصوص الكتاب والسنة؟ " (١) ، ومعارضة الكتب الآلهية بأقوال الرجال من أصول الكفر، والمعارضة قد تكون أحياناً صريحة، وأحياناً مبطنة كما يفعل كثير من أهل الإلحاد والكلام المذموم.

ب - " إن الله سبحانه ذم من ذمه من أهل الكفر على أنهم يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً كما قال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ * قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} (آل عمران:٩٨-٩٩) ، ومعلوم أن سبيل الله هو ما بعث به رسله مما أمر به وأخبر عنه، فمن نهى الناس نهياً مجرداً عن تصديق رسل الله وطاعتهم، فقد صدهم عن سبيل الله، فكيف إذا نهاهم عن التصديق بما أخبرت به الرسل، وبين أن العقل يناقض ذلك، وأنه يجب تقديمه على ما أخبرت به الرسل " (٢) ، ومن فعل ذلك فقد بغى سبيل الله عوجاً، وقدم عليها ما يرى أنه مستقيم من دليله العقلي المبتدع.


(١) درء التعارض (٥/٢٠٦) .
(٢) المصدر السابق (٥/٢١٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>