للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جـ - أن الله أرسل رسوله بالهدى والبينات ليخرج الناس من الظلمات إلى النور - ودلائل هذا من القرآن كثيرة لا تحصى - وقول هؤلاء مناقض لهذه الحقيقة مناقضة تامة لأنهم يزعمون أن ما جاء به الرسول من إثبات الصفات لله معارض بالعقول فيجب تأويله، وأن النصوص بعد تأويلها تأويلات من عندهم لم يذكرها رسول الله تكون واضحة مفهومة صحيحة المعنى، ونتيجة هذا أن النصوص التي بلغتنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس فيها الهدى والبيان، وهذا محادة لله ولرسوله ومناقضة لدعوة الرسول (١) .

د- " إنّا نعلم بالاضطرار من دين الإسلام أن الرجل لو قال للرسول: هذا القرآن أو الحكمة الذي بلغته إلينا قد تضمن أشياء كثيرة تناقض ما علمنا بعقولنا، ونحن إنما علمنا صدقك بعقولنا، فلو قبلنا جميع ما تقوله - مع أن عقولنا تناقض ذلك لكان ذلك قدحاً فيما علمنا به صدقك، فنحن نعتقد موجب الأقوال المناقضة لما ظهر من كلامك، وكلامك نعرض عنهن لا نتلقى منه هدى ولا علم (٢) - لم يكن مثل هذا الرجل مؤمناً بما جاء به الرسول لم يرضَ الرسول منه بهذا " (٣) ، ولاشك أن هذا القانون الفاسد متضمن لمثل مقالة هذا الرجل فحكمهما واحد.

هـ - أن معارضة الأنبياء بمثل هذه الأمور هو من فعل الشياطين المعادين للأنبياء، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً} (الأنعام:١١٢) ، وهذا منطبق على هؤلاء الذين ابتدعوا كلاماً محدثاً صدوا به عن كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولهذا قال أحد زعماء الجهمية: " ليس شيء أنقض لقولنا من القرآن، فأقروا به في الظاهر، ثم صرفوه بالتأويل، ويقال: إنه قال: إذا احتجوا عليكم بالحديث فغالطوهم بالتكذيب، وإذا احتجوا بالآيات فغالطوهم بالتأويل" (٤) ، فهذا مما يوحي به هؤلاء لغيرهم زخرف القول غروراً.


(١) انظر: درء التعارض (٥/٢١١-٢١٤) ، وانظر أيضاً (٥/٣٥٧-٣٥٨) .
(٢) كذا ولعل الصواب ولا علما.
(٣) درء التعارض (٥/٢١٤-٢١٥) .
(٤) المصدر السابق (٥/٢١٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>