للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما مسألة أخبار الآحادث فقد سبق مناقشتها في المنهج العام في الرد على الأشاعرة، وبيان الخطأ والضلال والتناقض الذي وقعوا فيه حين قالوا إن أخبار الآحاد المتلقاة بالقبول لا تفيد العلم ولا يحتج بها في العقائد (١) .

أما مسألة المتشابه والتأويل والتفويض، فيمكن مناقشتها من خلال الفروع التالية:

[الفرع الأول: معنى المتشابه، وهل الصفات أو بعضها منه؟]

مما يلاحظ أن أهل الكلام - وفيهم الأشاعرة - مع اهتمامهم بالعقل وأدلته، وتقديمها على أدلة السمع عند التعارض، إلا أنهم يحاولون أن يجدوا لبعض أصولهم العقلية ومنطلقاتهم الكلامية، أدلة من السمع، وقد سبق ذكر مثالين على ذلك:

أحدهما: استدلالهم على دليل حدوث الأجسام - الذي كان سببا في كثير من ضلالات المتكلمين في الصفات - استدلالهم عليه بقصة الخليل وقوله: {لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ} (الأنعام: من الآية٧٦) وقد سبق مناقشة هذا الدليل (٢) .

والثاني: احتجاجهم على نفي العلو وبعض الصفات بنفي التجسيم، وقد استدلوا على نفيه بقوله تعالى في قصة موسى {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَار} (لأعراف: من الآية١٤٨) . وقد سبق قبل قليل مناقشة هذا الاستدلال.

وفي هذه المسألة يرد مثال ثالث على هذا المنهج الذي أرادوا أن يدعموا به مذهبهم في الصفات أو بعضها؛ وذلك أنهم كثيرا ما يحتجون على تأويلهم للصفات، أو تفويضهم لها بأنها من المتشابه، ويستدلون على ذلك بالآية المشهورة من سورة آل عمران، وهي قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ


(١) انظر: (ص:٧٣٤-٧٥١) .
(٢) في الفصل الماضي، المتعلق بتوحيد الربوبية والألوهية.

<<  <  ج: ص:  >  >>