وبين هذه الطوائف - الثلاث - قد تنشأ فرق أخرى، تميل في بعض المسائل إلى طائفة، وفي المسائل الأخرى إلى طائفة ثانية، ويكون الحكم عليها حسب ما يغلب على مذهبها، فقد يقال إنها مائلة إلى مذهب الجبر، أو إلى مذهب القدرية، أو إلى مذهب السلف. ومن أشهر هذه الطوائف طائفة الأشعرية، حيث يغلب عليهم مخالفة المعتزلة والميل إلى مذهب الجبرية، وإن لم يصلوا إلى حد موافقة الجهم في أقواله وفي غلوه.
وشيخ الإسلام ابن تيمية اهتم كثير بمسألة القدر، ورد على المنحرفين فيه من الجبرية والقدرية وغيرهم، وشرح مذهب السلف في ذلك وذكر أدلته وأصوله.
ومما يجب ملاحظته أن مذهب الأشاعرة في القدر لا يتمثل في مسألة "الكسب" فقط، كما هو مشهور عنهم، وإنما ارتبط بهذه المسأ - التي اشتهروا بها وصارت شه علم عليهم، لا يذكر الكسب إلا ويذكر مذهب الأشاعرة - مسائل أخرى مرتبطة بها لا تنفك عنها، ولها أثر كبير على مذهبهم في الكسب وأفعال العباد.
ويولي شيخ الإسلام - بمنهجه الدقيق، الشامل، وبطريقته الفريدة في تلك المسائل أهمية خاصة نظرا لأثرها الكبير على خلاف الطوائف - من الأشاعرة وغيرهم - في القر.
ولذلك سيكون - بعون الله - عرض مباحث القدر على أساس الفرعين التاليين: