للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا في الخبر عن غائب. فلو قال: طلعت الشمس أو غربت فلا يقال: آمناه كما يقال: صدقناه، لأن الإيمان مشتق من الأمن فإنما يستعمل في خبر يؤتمن عليه المخبر كالأمر الغائب، ولهذا لم يوجد في القرآن وغيره قط، آمن له، إلا في هذا النوع.

وفي الآية المذكورة قالوا: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} (يوسف: من الآية١٧) ، ومعناها: أنك لا تقر بخبرنا، ولا تثق به، ولا تطمئن إليه، ولو كنا صادقين، لأنهم لم يكونوا عنده ممن يؤتمن على ذلك. فلو صدقوا لم يأمن لهم.

الثالث: أن لفظ الإيمان لم يقابل بالتكذيب كلفظ التصديق، وإنما مقابل الإيمان: الكفر، لأن الكفر ليس هو التكذيب فقط، فكذلك ما يقابله وهو الإيمان ليس هو التصديق فقط (١) .

ج- أنه لو فرض أن الإيمان مرادف للتصديق، فقولهم: إن التصديق لا يكون بالقلب أو اللسان عنه جوابان:

أحدهما: المنع، لأن الأعمال تسمى تصديقا كحديث: "العينان تزنيان وزناهما النظر، والأذن تزني وزناها السمع، واليد تزني وزناها البطش، والرجل تزني وزناها المشي، والقلب يتمنى ذلك ويشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه" (٢) ، وكذلك قال أهل اللغة وطوائف من السلف والخلف (٣) .

والثاني: أنه إذا كان أصله التصديق، فهو تصديق مخصوص كما أن الصلاة دعاء مخصوص، فالتصديق له لوازم صارت داخلة في مسماه (٤) .

[المسألة الثانية: أدلة دخول الأعمال في مسمى الإيمان والرد على المرجئة]

العمل الذي أنكر جمهور الأشاعرة دخوله في الإيمان نوعان:

١- عمل القلب.

٢- وعمل الجوارح.


(١) انظر: الإيمان (ص: ٢٧٥-٢٧٧) ، وانظر: مجموع الفتاوى (١٠/٢٦٩-٢٧٤) .
(٢) متفق عليه، وتقدم قريباً.
(٣) انظر: الإيمان (ص:٢٧٨-٢٨١) .
(٤) انظر: المصدر السابق (ص:٢٨١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>