للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يستلزم القدح في الدليل العقلي القدح في الشرع، فثبت تميز الشرع على كل حال (١) .

د - يقول شيخ الإسلام في الوجه الرابع والثلاثين: " إن الذين يعارضون الشرع بالعقل، ويقدمون رأيهم على ما أخبر به الرسول، ويقولون: إن العقل أصل للشرع، فلو قدمناه عليه للزم القدح في أصل الشرع؛ إنما يصح منهم هذا الكلام إذا أقروا بصحة الشرع بدون المعارض، وذلك بأن يقروا:

- بنبوة الرسول.

- وبأنه قال هذا الكلام.

- وبأنه أراد به كذا.

وإلا فمع الشك في واحد من هذه المقدمات لا يكون معهم عن الرسول من الخبر ما يعلمون به تلك القضية المتنازع فيها بدون معارضة العقل، فكيف مع معارضة العقل " (٢) .

فهذا رجوع إلى أصل القضية التي بنوا عليها قانونهم الفاسد، فإنهم حينما يقولون بتعارض العقل والنقل، يقال لهم: ما النقل الذي تقولون إن العقل عارضه: هل هو النقل المبنيس على أن محمداً رسول الله الصادق، وأن هذا النقل ثبت عنه بلا ريب، وأنه قصد وأراد به أمراً محدداً واضحاً، لأنه بلغ البلاغ المبين، وهو معصوم من أن يقره الله على خطأ فيما بلغه وأخبر به؟ إن كان الأمر كذلك فإن من ثبت هذا الإيمان في قلبه امتنع أن يعارضه بدليل عقلي فضلاً عن أن يقدم الدليل العقلي عليه.

أما حين يكون هذا النقل جاء إلى رجل يطعن في نبوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأن يزعم مثلاً أن الرسول لم يعلم بهذه المسألة التي أخبر بها، أو أنه غير معصوم في تبليغه البلاغ المبين، أو بطعن في صحة الأخبار وفي ثبوتها، أو يقول: إن الأدلة السمعية لا يستفاد منها العلم بمراد المتكلم - كما يقوله الرازي ومتبعوه -


(١) انظر: درء التعارض (٥/٢٦٩-٢٧١، ٢٧٥) ، وانظر: (٥/٢٧٧-٢٨٠) ففيه مناقشات مهمة. وانظر: الوجه الثلاثين (٥/٢٨٦-٢٨٨) .
(٢) انظر: درء التعارض (٥/٣٤٠-٣٤١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>