للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المسألة الأولى: حجج الأشاعرة العامة على ما نفوه من الصفات والعلو، ومناقشتها]

لم يكن نفي الأشاعرة لبعض الصفات أو للعلو بناء على موقفهم من نص من نصوص الصفات أو العلو، رأوا أنه لا بد من تأويله، أو أن دلالته غير واضحة، أو غير ذلك من الأمور المتعلقة بتفاصيل الأدلة، وإنما كان نفيهم لذلك وتأويله بناء على أدلة عقلية رأوا أنها دالة على وجوب النفي، وضرورة اللجوء إلى التأويل، ثم أثر تصحيحهم لهذه الأدلة العقلية على موقفهم من الأدلة والنصوص مفصلة.

ويمكن عرض أدلتهم كما يلي:

أولاً: أدلتهم وحججهم العقلية:

وقد ذكر شيخ الإسلام أن جماع أدلتهم حجتان أو ثلاث (١) :

أ - حجة الأعراض، والاستدلال بها على حدوث الموصوف بها أو ببعضها كالحركة والسكون، وهذه الحجة مبنية على أن ما لا يخلو من الحوادث فهو حادث، وعلى امتناع حوادث لا أول لها. وهذا هو دليل حدوث الأجسام الذي سبق توضيحه (٢) .

فهؤلاء نفوا الصفات الاختيارية عن الله تعالى بناء على أن إثبات ذلك يقتضي أ، يكون الموصوف جسما، وهذا ممتنع لأن الدليل على إثبات الصانع إنما هو حدوث الأجسام، ولو أثبت الله الصفات لاقتضى ذلك أن جسم قديم، فلا يكون كل جسم حادثا فيبطل دليل إثبات حدوث العالم والعلم بالصانع (٣) .

ب - حجة التجسيم والتركيب، حيث زعموا أن إثبات بعض الصفات كالوجه واليدين، أو الإستواء، أو العلو، أو النزول، أو غيرها، يلزم منه التجسيم، أو التركيب، وبنوا نفي الجسم على أن الأجسام متماثلة فيلزم من إثباتها


(١) انظر: درء التعارض (٤/٢٧٢، ٦/١٨٣-١٨٤، ٧/١٤١) .
(٢) في فصل توحيد الألوهية والربوبية.
(٣) انظر: درء التعارض (١/٢٤٧، ٣٠٦، ٥/٢٨٦-٢٨٨، ٧/١٧٨) ، نقض التأسيس - مطبوع - (١/١٤٣) ، والمسألة المصرية في القرآن - مجموع الفتاوى (١٢/١٨٤-١٨٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>