للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقضي بأن المقادير في تجويز العقل متساوية، فما من مقدار وشكل يقدر في العقل إلا ويجوز أن يكون مخصوصا بغيره، فاختصاصه بما اختص به من مقدار أو شكل أو غيره يستدعي مخصصا، ولو استدعى مخصصا لكان الباري محدثا" - قال الآمدي - "لكن هذا المسلك مما لا يقوى، إنه وإن سلم أن ما يفرق من المقادير والجهات وغيرها ممكنة في أنفسها، وأن ما وقع منها لا بد له من مخصص، لكن إنما يلزم أن يكون الباري حادثا أن لو كان المخصص خارجاً عن ذاته ونفسه، ولعلع صاحب هذا القول لا يقول به، وعند ذلك فلا يلزم أن يكون الباري تعالى حادثا، ولا محوجا إلى غيره أصلا" (١) .

فهذى الآمدي بين ضعف هذا الدليل الذي ذكره إخوانه الأشاعرة، وإن كان قد احتج على ما هو أضعف منه، وهو دليل الجواهر وتماثلها.

وبهذا يتبين ضعف حجة الاختصاص التي ذكرها الأشاعرة واحتجوا بها على نفي علو الله تعالى وصفاته، مع أن مثل هذه الألفاظ: كالاختصاص، والتقدير، والافتقار، فيها كثير من الإجمال ولا بد فيها من الإستفصال (٢) .

ثانياً: مناقشة موقفهم من أدلة السمع المثبتة للصفات:

سبق بيان أن الأشاعرة لما اعتمدوا الأصول العقلية، قدموها على أدلة السمع، وتلخص موقفهم من أدلة السمع المثبتة للصفات بأمرين:

أحدهما: من ناحية الثبوت، حيث طعنوا في أدلة أخبار الآحاد، وجواز الاحتجاج بها في العقائد.

وثانيهما: من ناحية الدلالة - وذلك في مثل القرآن الذي لا شك في ثبوته - جعلوا نصوص العلو والصفات التي نفوها، من المتشابه، ومن ثم فسبيلها عندهم: إما التأويل، أو التفويض.


(١) انظر: درء التعارض (٣/٣٨٥-٣٨٦) ، والنص في غاية المرام للآمدي (ص:١٨١) .
(٢) انظر: درء التعارض (٣/٣٨٧-٣٨٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>