للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما كانت المقادير الخلقية مقدورة عرف جوازها، واحتاج الجواز إلى مرجح لها، فإذا لم يكن فوق الباري سبحانه قادر عليه لم تكن إضافة الجواز وإثبات الاحتياج له. ألسنا اتفقنا على أن الصفات ثمان؟ أفهي واجبة له على هذا العدد، أم جائز أن توجد صفة أخرى؟

فإن قلتم: يجب الانحصار في هذا العدد، كذلك نقول: الاختصاص بالحد المذكور واجب له، إذ لا فرق بين مقدار الصفات عددا وبين مقدار في الذات حدا. فإن قلتم جائز أن توجد صفة أخرى، فما الموجب للإنحصار في هذا الحد والعدد، فيحتاج إلى مخصص حاصر" (١) .

وقد أجاب الشهرستاني عن ذلك بذكر الخلاف في مسألة انحصار الصفات بثمان هل تسمى بالعدد أم لا، وبمسألة أخص وصف الإله، وكل ذلك ليس فيه جواب عن الإلزام والمعارضة التي أوردها لأن "اختصاص الصفات بعدد من الأعداد كإختصاص الذات بقدر من الأقدار، وإذا كان المسمى لا يسمى ذلك عددا، فمنازعه لا يسمى الآخر قدرا، وليس الكلام في الإطلاقات اللفظية، بل في المعاني العقلية ... " (٢) ثم إنه على كل قول من الأقوال فيما زاد على الثمانية (٣) "فالمعارضة بالصفات ثاتبة على كل قول من الأقوال الثلاثة؛ إذ لا بد فيها من اختصاص، فإن كان كل مختص يفتقر إلى مخصص مباين، لزم افتقار صفات الله تعالى إلى مباين له" (٤) .

٧- والآمدي ذكر الدليل الذي ذكره الشهرستاني وبين ضعفه فقال في مسألة العلو والرد على مثبتيه: "وقد سلك بعض الأصحاب في الرد على هؤلاء طريقا شاملا فقال: لو كان الباري مقدار بقدر، متصورا بصورة، متناهيا بحد ونهاية، مختصا بجهة، متغيرا بصفة حادثة في ذاته، لكان محدثا؛ إذ العقل الصريح


(١) نهاية الأقدام (ص:١٠٦) ، وقارن بدرء التعارض (٣/٣٧٣-٣٧٤) .
(٢) انظر: درء التعارض (٣/٣٧٨) .
(٣) وهي ثلاثة: إثبات ما زاد كالرضى والغضب واليدين والوجه والاستواء وغيرهما، والثاني نفي هذه الصفات والاقتصار على الثمان، وقول ثالث بالوقف. انظر: درء التعارض (٣/٣٨٠-٣٨٣) .
(٤) انظر: درء التعارض (٣/٣٨٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>