للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي في القلب وإن لم يقترن به قول اللسان، ولم يقتض عملا في القلب ولا في الجوارح" (١) .

وقد أوضح شيح الإسلام بعد ذلك مأخذ هؤلاء المرجئة حيث إنهم رأوا أن الإيمان هو تصديق الرسول فيما أخبر به، ورأوا أن اعتقاد صدقه لا ينافي السب والشتم بالذات، كما أن اعتقاد وجوب طاعته لا ينافي معصيته، فلما رأوا أن الأمة كفرت الساب قالوا إنما كفر لأن سبه دليل على عدم اعتقاده لحرمة السب، فكفر بهذا التكذيب لا بتلك الإهانة. وهذا قول عجيب مخالف لإجماع السلف، وقد أطال شيخ الإسلام في الرد على أصناف المرجئة في هذا (٢) .

ثالثاً: ردود شي الإسلام على جمهور الأشاعرة في الإيمان:

سبق - عند عرض الخلاف - في الإيمان أن الرأي الثاني للأشاعرة والذي عليه جمهورهم أن الإيمان هو التصديق أو المعرفة، وأن الأعمال غير داخلة في الإيمان. وقد جاءت ردود شيخ الإسلام عليهم حسب المسائل التالية:

[المسألة الأولى: هل الإيمان التصدق فقط؟]

يقول شيخ الإسلام عن أبي الحسن الأشعري: "وأبو الحسن الأشعري نصر قول جهم في الإيمان، مع أنه نصر المشهور عن أهل السنة من إنه يستثنى في الإيمان، فيقول: أنا مؤمن إن شاء الله، لأنه نصر مذهب أهل السنة في أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة، ولا يخلدون في النار وتقبل فيهم الشفاعة، ونحو ذلك، وهو دائماً ينصر في المسائل التي فيها النزاع بين أهل الحديث وغيرهم قول أهل الحديث، لكنه لم يكن خبيرباً بمآخذهم، فنصره على ما يراه هو من الأصول التي تلقاها عن غيرهم فيقع في ذلك من التناقض ما ينكره هؤلاء وهؤلاء، كما فعل في مسالة الإيمان، ونصر فهيا قول جهم مع نصره للإستثناء. ولهذا خالفه كثير من أصحابه في الإستثناء ... وأتبعه أكثر أصحابه على نصر قول جهم في ذلك.


(١) الصارم المسلول (ص: ٥١٤-٥١٥) .
(٢) انظر: المصدر السابق (ص:٥١٧-٥٢٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>