للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣) وفي سنة ٧٠٩ هـ كان موقفه المشهور من أهل الذمة، فألزموا باللباس المميز لهم، وكذلك ورد سنة ٧١٢ هـ خطاب إلى دمشق أن لا يولى أحد بمال ولا رشوة (١) .

٤) بل المناصب الشرعية من الخطابة، وإدارة دور الحديث كان يعين أصحابها بإشارة من ابن تيمية، كما حدث سنة ٧٠٣ هـ (٢) .

[سابعا: محنه وسجنه]

امتحن شيخ الإسلام ابن تيمية محنا عديدة، وما تكاد تنتهى عاصفة إحدى المحن حتى تبدأ محنة جديدة، حتى لقي ربه وهو في سجن القلعة بدمشق. ومما يحز في النفس أن هذا الإيذاء والعداء له لم يأت من أعداء الاسلام الذين ظهرت عداوتهم له من اليهود والنصارى والتتار والرافضة، وإنما جاء من علماء وفضلاء، قضاة ومفتين، أشربوا شبه بعض أهل الكلام والتصوف فانضاف إلى ذلك حسدهم لشيخ الإسلام وما له من مكانة في نفوس الناس، فقاموا عليه معتمدين على مناصبهم في الفتيا والقضاء وعلاقتهم بالسلاطين والأمراء، ومما يلفت الانتباه أن غالب محنه كانت مع الأشاعرة متمثلين في علماء ذلك الوقت، حتى محنته مع المتصوفة في مصر لم يكن الأشاعرة بعيدين عنها، ومعلوم أن التصوف دخل في المذهب الأشعري ضمن التطورات التي مر بها هذا المذهب، أما محنته بسبب فتياه في الطلاق فلم تكن القضية قضية خلاف اجتهد فيه ابن تيمية وخالف بعض فقهاء عصره، وإنما كانت مرتبطة بما جرى قبلها حول ردوده على الأشاعرة والمحن التي وقعت بسبب ذلك.

أما أسباب العداء له فلم تكن بعيدة عما سبق بيانه مما تبوأه ابن تيمية من مكانة ومنزلة غطت على مكانة أولئك العلماء- خاصة من كان منهم في منصب القضاء أو الافتاء أو الخطبة- فلم تكن لهم أو لبعضهم تلك المواقف العظيمة


(١) انظر: البداية والنهاية (١٤/٦٦) .
(٢) المصدر السابق (١٤/٢٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>