للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ثم ربطوا مسألة الاستثناء في هذا القول، وأوجبوه، بناء على أن الإنسان لا يعلم على أي شيء يموت (١) .

وهم متناقضون في هذا لأنهم يقولون إن الإيمان هو التصديق، ثم يقولون إن الإيمان في الشرع هو ما يوافي به العبد ربه، وأوجبوا الاستثناء لذلك، فهذا عدول منهم عن الإيمان في اللغة إلى معنى آخر، فهلا فعلوا ذلك في الأعمال؟ (٢) .

والأشاعرة يحتجون لقولهم في الموافاة بما روى عن ابن مسعود لما قيل له: إن قوما يقولون: إنا مؤمنون؟ فقال: أفلا سألتموهم أفي الجنة هم؟ فلما سألوا أحدهم قال: الله أعلم، قال ابن مسعود: فهلا وكلت الأولى كما وكلت الثانية؟ (٣) .

السلف - رحمهم الله - كأحمد وغيره، لم يكن مقصودهم الموافاة، وإنما كان مقصدوهم ن الإيمان المطلق يتضمن فعل جميع المأمورات، وهذا لا يضمنه الإنسان.

أما قول ابن مسعود فواضح لأنه "لم يكن يخفى عليه أن الجنة لا تكون إلا لمن مات مؤمنا، وأن الإنسان لا يعلم ماذا يموت، فإن ابن مسعود أجل قدرا من هذا، وإنما أراد: سلوه هل هو في الجنة إن مات على هذه الحال؟ كأنه قال: سلون أيكون من أهل الجنة على هذه الحال؟ فلما قال: الله ورسوله أعلم. قال: أفلا وكلت الأولى كما وكلت الثانية. يقول: هذا التوقف يدل على أنك لا تشهد لنفسك بفعل الواجبات وترك المحرمات، فإنه من شهد لنفسه بذلك شهد أنه من أهل الجنة إن مات على ذلك" (٤) .


(١) انظر: الإيمان (ص:٤١٠-٤١١) .
(٢) انظر: المصدر السابق (ص:١٣٧-١٣٨) .
(٣) انظر: المصدر نفسه (ص:٣٩٩) .
(٤) انظر: المصدر نفسه (ص:٤٠٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>