للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تدرج الأمر بهؤلاء الذين يوجبون الاستثناء باعتبار الموافاة، أن صار بعض أتباعهم المتأخرين يستثنون في كل شيء فيقول الواحد منهم: هذا ثوب إن شاء الله، وهذا حبل إن شاء الله، وهذا حبل إن شاء الله، وإذا ما اعترض عليهم بأن هذا لا شك فيه، قالوا: إن الله قادر على أن يغبره (١) .

هذا هو المأخذ الأول لمن يوجب الاستثناء، وهو مأخذ الكلابية (٢) ، وهو مخالف لما عليه السلف.

المأخذ الثاني: لمن أوجب الاستثناء، وهو مأخذ عامة السلف الذين كانوا يستثنون، وإن جوزوا ترك الاستثناء بمعنى آخر، فهؤلاء يقولون: إن الإيمان المطلق يتضمن فعل ما أمر الله به عبده كله، وترك المحرمات كلها، فإذا قال الرجل: أنا مؤمن بهذا الاعتبار، فقد شهد لنفسه بأنه من الأبرار المتقين، القائمين بفعل جميع ما أمروا به، وترك كل ما نهوا عنه، فيكون من أولياء الله، وهذا من تزكية الإنسان لنفسه ... " (٣) .

٣- القول الثالث: من يجوز الأمرين باعتبارين؛ فإن أراد المستثنى الشك في أصل إيمانه منع من الاستثناء، وهذا مما لا خلاف فيه. وإن أراد به اعتبارات أخرى:

- مثل أنه لم يقم بجميع ما وجب عليه ولم يترك جميع ما نهى عنه.

- ومثل: عدم علمه بالعاقبة، لأنه لا يدري على ما يموت عليه.

- ومثل أن يستثنى خوفا من تزكية النفس.

فهذا جائز (٤) ، وهو الذي دلت عليه الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال السلف (٥) .


(١) انظر: الإيمان (ص:٤١٣) .
(٢) انظر أيضاً: مجموع الفتاوى (٣/٢٨٩) ، والاستقامة (١/١٥٠) ، والإيمان الأوسط - مجموع الفتاوى - (٧/٥٠٩-٥١٠) .
(٣) انظر: الإيمان (ص:٤٢٦) .
(٤) مجموع الفتاوى (٨/٤٢٧) .
(٥) انظر: الإيمان (ص:٤٣٠) ، وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>