للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أ - أما النقد المجمل، فإن شيخ الإسلام أشار إلى جهل كثير منهم بالسنة وأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -، يقول عن المتكلمين: " فإن فرض أن أحداً نقل مذهب السلف كما يذكره، فإما أن يكون قليل المعرفة بآثار السلف كأبي المعالي، وأبي حامد الغزالي، وابن الخطيب، وأمثالهم، ممن لم يكن لهم من المعرفة بالحديث ما يعدون به من عوام أهل الصناعة، فضلاً عن خواصها، ولم يكن الواحد من هؤلاء يعرف البخاري ومسلماً وأحادثيهما إلا بالسماع، كما يذكر ذلك العامة، ولا يميزون بين الحديث المفتري المكذوب، وكتبهم أصدق شاهد بذلك ففيها عجائب " (١) .

وفي كتبهم المصنفة في أصول الدين - يحكون الإجماع أو النزاع - ويجهلون مذهب السلف، يقول شيخ الإسام وقد بين بالأدلة وجوب معرفة أقوال السلف في العلم والدين وأن معرفتها أنفع من معرفة أقوال المتأخرين، وإن الاقتداء بهم خير من الاقتداء بمن بعدهم - يقول: " وأما المتأخرون الذين لم يتحروا متابعتهم وسلوك سبيلهم، ولا لهم خبرة بأقوالهم وأفعالهم، بل هم في كثير مما يتكلمون به في العلم ويعملون به لا يعرفون طريق الصحابة والتابعين في ذلك - من أهل الكلام والرأي والزهد والتصوف - فهؤلاء تجد عمدتهم في كثير من الأمور المهمة في الدين إنما هو عما يظنونه من الإجماع، وهم لا يعرفون في ذلك قوال السلف البتة، أو عرفوا بعضها ولم يعرفوا سائرهان فتارةً يحكون الإجماع ولا يعلمون إلا قولهم وقول من ينازعهم من الطوائف المتأخرين، طائفة، أو طائفتين، أو ثلاث، وتارة عرفوا أقوال بعض السلف، والأول كثير في مسائل أصول الدين وفروعه، كما تجد كتب أهل الكلام مشحونة بذلك، يحكون إجماعاً ونزاعاً ولا يعرفون ما قال السلف في ذلك البتة، بل قد يكون قول السلف خارجاً عن أقوالهم، كما تجد ذلك في مسائل أقوال الله وأفعاله وصفاته، مثل مسألة القرآن والرؤية والقدر وغير ذلك " (٢) ،

ويقول - بعد نقده لكتب المقالات -: مثل كتب الأشعري والشهرستاني والنوبختي وأبي عيسى الوراق، وأنهم ينقلون


(١) مجموع الفتاوي (٤/٧١-٧٢) .
(٢) الفرقان بين الحق والباطل، مجموع الفتاوي (١٣/٢٥) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>