للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقوال مختلف الطوائف؛ " والقول الذي جاء به الرسول، وكان عليه الصحابة والتابعون أئمة المسلمون لا يعرفونه ولا يذكرونه، بل وكذلك في كتب الأدلة والحجج التي يحتج بها المصنف للقول الذي يقول: إنه الحق، تجدهم يذكرون في الأصل العظيم قولين أو ثلاثة أو أربعة أو أكثر من ذلك، وينصرون أحدها، ويكون كل ما ذكروه أقوالاً فاسدة، مخالفة للشرع والعقل، والقول الذي جاء به الرسول - وهو الموافق لصحيح المنقول وصريح المعقول - لا يعرفونه، ولا يذكرونه، فيبقى الناظر في كتبهم محائراً ليس فيما ذكروه ما يهديه ويشفيه، ولكن قد يستفيد من رد بعضهم على بعض علمه ببطلان تلك المقالمات كلها، وهذا موجود في عامة كتب أهل الكلام والفلسفة، متقدميهم ومتأخريهم إلى كتب الرازي والآمدي ونحوهما " (١) .

والعبارة الأخيرة تدل على أن شيخ الإسلام يعمم حكمه على جميع كتبهم، الفلسفية والكلامية، وليس في هذا مبالغة، فإن كتبهم - ومناهجهم فيها - لا تحمل روح مذهب السلف الصافي، ويكفي المطلع على كتب أهل السنة، وما ألفوه من العقائد الواضحة المبنية على الكتاب والسنة - أن يطلع على واحد من كتب هؤلاء - كالتمهيد، أو الشامل، أو الإرشاد، أو نهاية الإقدام، أو الاقتصاد في الاعتقاد، أو غاية المرام، أو الأربعين للرازي، أو المواقف - ليجد هذا الحكم عادلاً غير جائز.

ويقول شيخ الإسلام- في موضع آخر - جامعاً في الحكم بين كتبهم في المقالات والملل وكتبهم الكلامية: " وقد تدبرت كتب الاختلاف التي يذكر فيها مقالات الناس، إما نقلاً مجرداً، مثل كتاب المقالات لأبي الحسن الأشعري وكتاب الملل والنحل للشهرستاني، ولأبي عيسى الوراق، أو مع انتصار لبعض الأقوال - كسائر ما صنفه أهل الكلام على اختلاف طبقاتهم - فرأيت عامة الاختلاف الذي فيها من الاختلاف المذموم، وأما الحق الذي بعث الله به رسوله وأنزل به كتابه، وكان عليه سلف الأمة، فلا يوجد فيها في جميع مسائل


(١) درء التعارض (٩/٦٧-٦٨) ، وانظر أيضاً (٧/٣٥-٣٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>