للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الشبهة الثانية: فبسببها غلط الرازي وغيره "فإنه ظن أنه إذا كان هذا موجودا وهذا موجودا، والوجود شامل لهما، كان بينهما وجود مشترك كلي في الخارج، فلا بد من مميز يميز هذا عن هذا، والمميز إنما هو الحقيقة فيجب أن يكون هناك وجود مشترك وحقيقة مميزة" (١) .

وهذه مبنية على مسألة طالما غلط فيها أهل المنطلق والفلسفة وأتباعهم، وهي مسألة الكليات المطلقة التي تكون في الأذهان، وتوهمهم أنها قد تكون موجود في الأعيان.

فبهاتين الشبهتين: شبهة التشبيه، وشبهة الكليات الذهنية قال بعض هؤلاء الأشاعرة: إن الوجود وغيره إذا أطلق على الخالق والمخلوق كان من قبيل المشترك اللفظي. وقد رد عليهم شيخ الإسلام من وجوه أهمها:

١- أن القول الذي يقول به جماهير الناس: جمهور المعتزلة، والمتكلمة الصفاتية من الأشعرية والكرامية والسالمية، واتباع الأئمة الأربعة من الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية، وأهل الحديث، والصوفية، أن هذه الأسماء حقيقة للخالق تعالى، وإن كانت تطلق على خلقه حقيقة.

وأما الأقوال الأخرى فهي باطلة:

مثل قول من يقول: إنها حقيقة في الخالق مجاز في المخلوق، وهو قول أبي العباس الناشئ.

ومثل قول من يقول بالعكس، أي أنها حقيقة في المخلوق مجاز في الخالق، كما هو قول غلاة الجهمية والقرامطة والباطنية الذين ينفون عن الله الأسماء الحسنى بل ويقولونك إن الله ليس بحي ولا عالم ولا جاهل (٢) ...


(١) منهاج السنة (٢/٥٨٥) - ط جامعة الإمام -.
(٢) انظر: في هذه الأقوال: الجواب الصحيح (٣/١٥٠) ، والرد على المنطقيين (ص: ١٥٥-١٥٧) ، ومجموع الفتاوى (٥/١٩٦-١٩٧، ٢٠٧) ، ودرء التعارض (٥/١٨٤-١٨٥) ، ومنهاج السنة (٢/٥٨٢-٥٨٣) - ط جامعة الإمام -.

<<  <  ج: ص:  >  >>