للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- الذي يختلف عن الأول تماما - فإنه لا يفهم ذلك المعنى إلا بدليل يدل عليه (١) ، فإذا قيل المخلوق موجودا، ثم قيل والله تعالى موجود، فالقول أن الوجود مقول بالاشتراك اللفظي يقتضي أن معنى الوجود في العبارة الثانية له معنى آخر بعيد عن مدلول اللفظ الأول، ولا بد من دليل يدل على المعنى المقصود منه، وهذا لو طبق يؤدي إلى تخبط عجيب في فهم مدلول الألفاظ والعبارات.

٥- أن القول بالاشتراك اللفظي يؤدي إلى موافقة الملاحدة والقرامطة، "فإنهم إذا جعلوا أسماء الله تعالى كالحي والعليم والقدير والموجود ونحو ذلك مشتركة اشتراكاً لفظيا، لم يفهم منها شيء إذا سمى بها الله، إلا أن يعرف ما هو ذلك المعنى الذي يدل عليه إذا سمي بها الله، لا سيما إذا كان المعنى المفهوم منها عند الإطلاق ليس هو المراد إذا سمي بها الله.

ومعلوم أن اللفظ المفرد إذا سمي به مسمى لم يعرف معناه حتى يتصور المعنى أولا، ثم يعلم أن اللفظ دال عليه، فإذا كان اللفظ مشتركا فالمعنى الذي وضع له في حق الله لم نعرفه بوجه من الوجوه، فلا يفهم من أسماء الله الحسنى معنى أصلا، ولا يكون فرق بين قولنا: حي، وبين قولنا: ميت، ولا بين قولنا: موجود، وبين قولنا: معدوم، ولا بين قولنا: عليم، وبين قولنا: جهول، أو "ديز" أو "كجز" بل يكون بمنزلة ألفاظ أعجمية سمعناها ولا نعلم مسماها، أو ألفاظ مهملة لا تدل على معنا كديز وكجز ونحو ذلك.

ومعلوم أن الملاحدة يكفيهم هذا، فإنهم لا يمنعون إطلاق اللفظ إذا تظاهروا بالشرع، وإنما يمنعون أن نفهم معنى" (٢) .

وهذا هو لب المسألة، لأن القول بالمشترك اللفظي يؤدي إلى اعتقاده أن هذه الأسماء أو الصفات بالنسبة لله تعالى لها معان أخرى بعيدة عن المعاني التي دلت عليها هذه النصوص التي وردت بها، "وإذا لم تكن أسماؤه متواطئة لم يفهم العباد من أسمائه شيئاً أصلا، إلا أن يعرفوا ما يخص ذاته، وهم لم يعرفوا


(١) انظر: درء التعارض (٥/٣٢٦) .
(٢) منهاج السنة (٢/٣٢٦) - ط جامعة الإمام -.

<<  <  ج: ص:  >  >>