للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك صفات العباد لا يجوز أن تقوم بأنفسها، بل بموصوف" (١) .

وهذا المطلق الكلي الذي هو النوع الثالث، هو الذي من خلاله نفهم ما خوطبنا به، ولذلك فنحن نعلم مثلاً أنه إذا وصف أحد بصفة، فإن هذه الصفة لا بد أن تقوم بالموصوف، ما أننا نفرق بين صفة الحياة، والعلم والكلام، من غير أن يرتبط ذلك بتخصيص الموصوف بها، هل هو الخالق أو العبد، ولولا ذلك لكانت معرفتنا بأسماء الله وصفاته وآياته ألغازا وألفاظاً أعجمية لا تفهم، ومن أراد أن يلتزم نفي التشبيه بنفي أي نوع من أنواع التشابه الذي يرد في المطلق الكلي فلا بد أن يؤدي به الأمر إلى نفي وجود الخالق، ومتى أقر بوجود الخالق وأنه غير هذه المخلوقات لزمه شيء من هذا.

(ج) ومن الأصول التي قررها السلف وركز عليها شيخ الإسلام أن القول في الصفات كالقول في الذات، يحتذى حذوه، فكما أن لله ذاتا لا تشبه ذوات المخلوقين، فكذلك له صفات لا تشبه صفات المخلوقين، وإذا كان إثبات الذات لله إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات الصفات إثبات وجود لا إثبات كيفية، وهذا أصل عظيم، مقنع جداً لمن تدبره، وهو مرتبط بما سبق من أن صفات المخلوق تخصه، كما أن له ذاتا تخصه، وكذلك ربنا تبارك وتعالى له صفات تخصه وتليق به كما أن له ذاتا تخصه، ولا يخلط بينهما إلا مشبه ممثل، أو معطل ملحد في أسمائه وصفاته يريد أن يجعل ذلك سلما لتعطيله وتحريفه (٢) .

(ح) ضرب المثل بنعيم أهل الجنة، وبالروح:

وهذان المثلان يكثر ورودهما في مناقشات شيخ الإسلام للأشاعرة ولغيرهم، وفي بيانه للمنهج الحق في الصفات، البعيد عن التأويل والتفويض والتمثيل والتشبيه.


(١) منهاج السنة (٢/٥٩٧-٥٩٨) - ط جامعة الإمام -.
(٢) انظر في بيان هذا الأصل: التدمرية (ص:٤٣-٤٦) - ت - السعودي -، والفتوى الحموية - مجموع الفتاوى (٥/١١٤) ، وشرح حديث النزول - مجموع الفتاوى (٥/٣٣٠، ٣٥١) ، ومجموع الفتاوى (٦/٣٥٥، ١٢/٥٧٥) ، ونقض التأسيس - مطبوع - (٢/٧٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>