ما يكون سببا في قول الباطل أو رد الحق، لذلك كان من أصول منهجه ومناقشاته بيان الإجمال في المصطلحات والألفاظ.
ومن ذلك لفظ "الجسم" و"المركب" هنا، القائل: إن إثبات الصفات، أو إثبات الاستواء أول العلو أو النزول أو الوجه أو اليدين وغيرها، يلزم منه التجسيم، أو التركيب.
يقال له: ما تعني بالتجسيم أو التركيب، لأن هناك أقوالاً عديدة في كل منهما:
فالجسم فيه أقوال:
- في اللغة هو البدن والجسد.
- وعند أهل الكلام: قيل: هو المركب من الجوهر الفرد، إما جوهران أو أربعة، أو ستة، أو ثمانية، أو ستة عشر، أو اثنان وثلاثون.
- وقيل: هو المركب من المادة والصورة، كما تقوله الفلاسفة.
- وقيل: هو الموجود أو القائم بنفسه، أو ما يمكن أن يشار غليه.
ولكثرة مناقشات شيخ الإسلام لهذا الإجمال في الجسم فيمكن اختيار النص التالي له، والإشارة في الحاشية إلى المواضع الأخرى التي ذكر فيها هذا الكلام أو نحوه، فإنه قال بعد أن ذكر الأقوال في الجسم: "إذا قال القائل: إن الباري تعالى جسم. قيل له: أتريد أنه مركب من الأجزاء كالذي كان متفرقا فركب؟ أو أنه يقبل التفريق، سواء قيل: اجتمع بنفسه، أو جمعه غيره؟ أو أنه من جنس شيء من المخلوقات؟ أو أنه مركب من المادة والصورة؟ أو من الجواهر المنفردة؟
فإن قال هذا. قيل: هذا باطل.
وإن قال: أريد به أنه موجود أو قائم بنفسه ... أو أنه موصوف بالصفات، أو أنه يرى في الآخرة، أو أنه يمكن رؤيته، أو أنه مباين للعالم، فوقه، ونحو هذه المعاني الثابتة بالشرع والعقل.