للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه ذكر عن مجاهد والشافعي أن المراد: قبلة الله (١) - فقال أ؛ د كبرائهم - (٢) في المجلس الثاني - قد أحضرت نقلا عن السلف بالتأويل، فوقع في قلبي ما أعد، فقلت: لعلك قد ذكرتما روى في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه} قال: نعم، قلت: المراد بها قبلة الله، فقال: قد تأولها مجاهد والشافعي وهما من السلف. ولم يكن هذا السؤال يرد علي، فإنه لم يكن شيء مما ناظروني فيه صفة الوجه، ولا أثبتها (٣) ، لكن طلبوها من حيث الجملة، وكلامي كان مقيداً كما في الأجوبة، فلم أر احقاقهم في هذا المقام، بل قلت: هذه الآية ليست من آيات الصفات أصلا، ولا تندرج في عموم قول من يقول: لا تؤول آيات الصفات.

قال: أليس فيها ذكر الوجه؟ فلما قلت: المراد بها قبلة الله، قال: أليست هذه من آيات الصفات؟ قلت: لا، ليست من موارد النزاع، فإني إنما أسلم أن المراد بالوجه - هنا - القبلة، فإن الوجه هو الجهة في لغة العرب، يقال: قصدت هذا الوجه، وسافرت إلى هذا الوجه، أي: إلى هذه الجهة ... " - وبعد أن زاد هذا شرحاً، قال: في كلام مهم جدا: "ولكن من الناس من يسلم أن المراد بذلك جهة الله، أي قبلة الله، ولكن يقول: هذه الآية تدل على الصفة وعلى أن العبد يستقبل ربه ... ويقول: إن الآية دلت على المعنيين، فهذا شيء آخر ليس هذا موضعه. والغرض أنه إذا قيل: فثم قبلة الله، لم يكن هذا من التأويل المتنازع فيه الذي ينكره منكروا تأويل آيات الصفات، ولا هو مما يستدل به عليهم المثبتة، فإن هذا المعنى صحيح في نفسه، والآية دالة عليه، وإن كانت دالة على ثبوت صفة فذاك شيء آخر، ويبقى دلالة [قوله] (٤) {فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}


(١) انظر: الأسماء والصفات للبيهقي (ص:٣٠٩) .
(٢) لعله صفي الدين الهندي.
(٣) أي أنهم في المناظرة الأولى حول الواسطية لم يناظروه فيما ذكره من إثبات صفة الوجه حيث ذكر قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَه} (القصص: من الآية٨٨) ضمن نصوص أخرى. وقوله هنا (ولا أثبتها) يحتمل أنه يقصد إنه لم ينص عليها - شرحا وبيانا في الواسطية ما فعل في العلو والكلام والرؤية، ويحتمل أ، يقصد آية {فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} أي أنه لم يذكرها كدليل على صفة الوجه، ولعل هذا أرجح.
(٤) في مجموع الفتاوى [قولهم] ، ولعل المثبت هو الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>