للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجة الثالثة: للنفاة: "أنهم قالوا: لو قامت به الحوادث للزم تغيره والتغير على الله محال.

وأبطلوا هم هذه الحجة - الرازي وغيره - بأن قالوا: ما تريدون بقولكم: لو قامت به تغيرن أتريدون بالتغير نفس قيامها به أم شيئاً آخر؟ فإن أردتم الأول كان المقدم هو الثاني، والملزوم هو اللازم، وهذا لا فائدة منه، فإنه يكون تقدير الكلام: لو قامت به الحوادث لقامت به الحوادث، وهذا كلام لا يفيد، وإن أردتم بالتغير معنى غير ذلك فهو ممنوع، فلا نسلم أنها لو قامت به لزم "تغير" غير حلول الحوادث. فهذا جوابهم" (١) .

وقد أوضح شيخ الإسلام وجه الرد على النفاة ببيان ما في لفظ "التغير" من الإجمال، وأن التغير المعروف في اللغة العربية لا يراد به مجرد كون المحل قامت به الحوادث، ولذلك فالناس لا يقولون للشمس والقمر والكواكب إذا تحركت: إنها تغيرت، ولا يقولون للإنسان إذا تكلم ومشى تغير ... وإنما يقولون لمن استحال من صفة إلى صفة، كالشمس إذا زال نورها ظاهرا لا يقال تغيرت، فإذا أصفرت قبل تغيرت ... (٢) .

الحجة الرابعة: - للنفاة - وهي مرتبطة بالحجة السابقة، حيث قالوا: حلول الحوادث أفول والخليل قد قال {لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ} (الأنعام: من الآية٧٦) ، والآفل هو المتحرك، أو المتغير (٣) .

وقد ذكر هذه الحجة - مع التي قبلها - الآمدي وزيفها، انظر كلامه مع تعليق شيخ الإسلام (٤) ، كما أن شيخ الإسلام بين الحق في الآية التي استدلوا بها (٥) - وقد سبق الكلام حولها عند بحث موضوع دليل حدوث الأجسام -.


(١) مجموع الفتاوى (٦/٢٤٩) .
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (٦/٢٤٩-٢٥٠) .
(٣) انظر: المصدر السابق (٦/٢٥٢) .
(٤) انظر: درء التعارض (٤/٧١-٨٢) .
(٥) انظر: مجموع الفتاوى (٦/٢٥٣-٢٥٧) ، وشرح حديث النزول - مجموع الفتاوى (٥/٥٤٢-٥٥١) ، ودرء التعارض (٢/٢١٦-٢٢٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>