٣- كما سبق في "المسألة الثانية" مناقشة أقوالهم من خلال قاعدة أن القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر.
وبقي من ذلك أن الرازي استدل على وجوب تأويل الصفات الخبرية لاختلاف النصوص حيث ورد فيها:(بيده) ، (أيدينا) ، (بيدي) ، (بأعيننا) ، (على عيني) ، وقد رد عليه شيخ الإسلام بقوله: "إن دعواه أن لله أعينا كثيرة وأيديا كثيرة باطل، وذلك وإن كان قد قال:{تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا}(القمر: من الآية١٤) وقال: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا}(هود: من الآية٣٧) وقال: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا}(الطور: من الآية٤٨) وقال: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا}(يّس: من الآية٧١) وقد قال في قصة موسى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي * إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ}(طه: من الآية ٣٩-٤٠) فقد جاء هذا بلفظ المفرد في الموضعين، فلم يكن دعواه الظهور في معنى الكثرة لكونه جاء بلفظ الجمع بأولى من دعوى غيره الظهور في معنى الإفراد لكونه قد جاء بلفظ المفرد في موضعين، بل قد ادعى الأشعري فيما اختاره ونقله عن أهل السنة والحديث هو وطوائف معه إثبات العينين لأن الحديث ورد بذلك~، وفيه جمع بين النصين، ما في لفظ اليد بل [لو](١)
قال القائل: الظاهر في العين للمفرد أو المثنى دون المجموع لتوجيه قوله، وذلك أن قوله (بأعيننا) في الموضعين مضاف إلى ضمير الجمع والمراد به الله وحده بلا نزاع، ومثل هذا كثير في القرآن يسمى الرب نفسه من الأسماء المضمرة بصفة الجمع على سبيل التعظيم لنفسه كقوله تعالى:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً}(الفتح:١) وقوله: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}(الزخرف: من الآية٣٢) فلما كان المضاف إليه لفظه لفظ الجمع جاء المضاف كذلك فقيل: بأعيننا، وفي قصة موسى لما أفرد المضاف إليه أفرد المضاف فقال (ولتصنع على عيني) ، وجعلوا أن هذا هو الأصل والحقيقة، فإن الله واحد، سبحانه، ومن احتج بما ذكره الله عن نفسه بلفظ الجمع على العدد، فهو ممن تمسك بالمتشابه وترك المحكم، كما فعل نصارى نجران ...