والمقصود مسمهما عند الإطلاق، ويلاحظ أن الخلاف في ذلك قد بنت عليه كل طائفة قولها في كلام الله تعالى.
والأقوال في مسمى "الكلام" أربعة:
١- قيل هو اسم لمجرد الحروف، ومسماه هو اللفظ، وأما المعنى فليس جزء مسماه؛ بل هو مدلول مسماه، وهذا قول المعتزلة وغيرهم، فعندهم أن الكلام اسم للفظ بشرط دلالته على المعنى. ولذلك قالوا في كلام الله إنه مخلوق منفصل عن الله، لأن الكلام هو الألفاظ والحروف، وهذه لا يجوز أن تقوم بالله فجعلوها مخلوقة منفصلة.
٢- وقيل: هو اسم لمجرد المعنى، فمسماه هو المعنى، وإطلاق الكلام على اللفظ والحروف مجاز، لأنه دال عليه، وهذا قول الكلابيةوالأشعرية الذين يقولون إن الكلام هو المعنى المدلول عليه باللفظ. ولقولهم هذا قالوا في كلام الله إنه معنى قائم بالنفس، ليس بحروف ولا أصوات، ثم قالوا عن القرآن المتلو إنه ليس كلام الله، بل هو حكاية أو عبارة عن كلام الله، لأن الكلام عندهم هو المعنى فقط، أما إطلاق اللفظ عليه فمجاز.
٣- وقيل: إن الكلام يطلق على كل من اللفظ والمعنى بطريق الاشتراك اللفظي. وهذا قول بعض متأخري الأشعرية لجأوا إليه كمخرج من التناقض الذي وقعوا فيه، ومن هؤلاء الجويني والرازي (١) . ويلاحظ أن التعبير بالمشترك اللفظي لا يقتضي أن يكون بينهما تقارب في المعنى، بل هما يمنزلة المشتري الذي يطلق على الكوكب وعلى المبتاع.
(١) هذا هو القول الثاني للأشاعرة بعد القول السابق، وقد ذكر شيخ الإسلام أن للأشاعرة قولا ثالثا يروى عن أبي الحسن وهو: أن اللفظ مجاز في كلام الله حقيقة في كلام الآدميين، لأن حروف الآدميين تقوم بهم، فلا يكون الكلام قائما بغير المتكلم، بخلاف الكلام القرآني فإنه لا يقوم عنده بالله، فيمتنع أ، يكون كلامه. الإيمان (ص:١٦٢) .