لما زعموا من اتباع أصل الإسلام فهل يجوز قتالهم؟ وفي سؤال آخر إضافة إلى ما سبق: وما حكم من يكون من عسكرهم من المنتسبين إلى العلم والفقه والفقر والتصوف ونحو ذلك؟ ومايقال فيمن زعم أنهم مسلمون، والمقاتلون لهم مسلمون، وكلاهما ظا لم فلا يقاتل مع أحدهما.... أفتونا في ذلك بأجوبة مبسوطة شافية، فإن أمرهم قد أشكل على كثير من المسلمين، بل على أكثرهم، تارة لعدم العلم بأحوالهم، وتارة لعدم العلم بحكم الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في مثلهم، وفي سؤال آخر: سئل عن أجناد يمتنعون عن قتال التتار، ويقولون: إن فيهم من يخرج مكرها معهم، وإذا هرب أحدهم هل يتبع أم لا؟ وفي سؤال سئل عن أموالهم هل أخذها حلال أو حرام؟.
وقد أجاب ابن تيمية عن هذه الأسئلة بأجوبة واضحة كل الوضوح، وبناها على قاعدة في الفتوى عزيزة، لازمة لكل من يتصدى للفتوى- خاصة في المسائل المستجدة- فقال في أحد الأجوبة: " نعم، يجب قتال هؤلاء بكتاب الله وسنة رسوله واتفاق أئمة المسلمين، وهذا مبني على أصلين:
أحدهما: المعرفة بحالهم.
والثاني: معرفة حكم الله في مثلهم.
فأما الأول: فكل من باشر القوم يعلم حالهم، ومن لم يباشرهم يعلم ذلك بما بلغه من الأخبار المتواترة وأخبار الصادقين، ونحن نذكر جل أمورهم بعد أن نبين الأصل الآخر الذي يختص بمعرفته أهل العلم بالشريعة الإسلامية فنقول: كل طائفة خرجت عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها باتفاق أئمة المسلمين وإن تكلمت في الشهادتين، فإذا أقروا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلوات الخمس وجب قتالهم حتى يصلوا، وإن امتنعوا عن الزكاة وجب قتالهم حتى يؤدوا الزكاة، وكذلك إن امتنعوا عن صيام شهر رمضان أو حج البيت العتيق، وكذلك إن امتنعوا عن تحريم الفواحش، أو الزنا، أو الميسر، أو الخمر، أو غير ذلك من محرمات الشريعة، وكذلك إن امتنعوا عن الحكم في الدماء والأموال والأعراض والأبضاع ونحوها بحكم الكتاب والسنة،