للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرابع: ما لم تتعلق به الإرادتان، وذلك مما لم يقع ولم يوجد من أنواع المباحات والمعاصي (١) .

وبهذا التفصيل (٢) - الذي دلت عليه النصوص - يتبين رجحان مهب أهل السنة والجماعة.

أما محاولة بعض الأشاعرة أن يجيبوا عن النصوص التي دلت على أن الله لا يحب الكفر ولا الفساد - بأن هذا خاص بمن لم يقع منه الكفر والفساد، والمعنى أن الله لا يحب الفساد لعباده المؤمنين ولا يرضاه لهم - فهذا جواب فاسد لأن لازم هذا أن الله لا يحب الإيمان ولا يرضاه من الكفار، لأنه لم يقع منهم، لأن المحبة عندهم كالإرادة إنما تتعلق بما وقع دون ما لم يقع. وهذا من أعظم الباطل (٣) .

ولا شك أن تخبط الأشاعرة ومعهم المعتزلة في هذه المسائل أدى بهم إلى الانحراف في مسألة القدر وأفعال العباد.

ثالثا: التحسين والتقبيح:

أول من اشتهر عنه بحث هذا الموضوع الجهم بن صفوان الذي وضع قاعدته المشهورة: "إيجاب المعارف بالعقل قبل ورود الشرع" (٤) ، وبنى على ذلك أن العقل يوبج ما في الأشياء من صلاح وفساد، وحسن وقبح، وهو يفعل هذا قبل نزول الوحي، وبعد ذلك يأتي الوحي مصدقا لما قال به العقل من حسن بعض الأشياء وقبح بعضها، وقد أخذ المعتزلة بهذا القول ووافقهم عليه الكرامية (٥) .


(١) انظر: مراتب الإرادة - مجموع الفتاوى - (٨/١٨٩) .
(٢) ومثل الإرادة ما ورد في القرآن من الأمر والحكم، والقضاء، والأذن، والكتاب، والكلمات، والبعث، والإرسال، والتحريم، والجعل، فإنها كلها تنقسم إلى كونية ودينية، انظر: مجموع الفتاوى (٨/٦١) ، التحفة العراقية في الأعمال القلبية - مجموع الفتاوى - (١٠/٢٤-٢٦) ، والفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان - مجموع الفتاوى - (١١/٢٦٥-٢٧٠) ، والحسينة والسيئة - مجموع الفتاوى (١٤/٣٨٣-٣٨٤) ، ونقض التأسيس - مخطوط - (٢/٢٩٣-٢٩٨) .
(٣) انظر: رسالة الاحتجاج بالقدر (ص:٦٨) - ط المكتب الإسلامي.
(٤) الملل والنحل (١/٨٨) ت كيلاني.
(٥) انظر: نشأة الفكر الفلسفي للنشار (١/٣٤٦) ، والتجسيم عند المسلمين - مذهب الكرامية - سهير مختار - (ص:٣٦٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>